@ 113 @ لما كانت وقعة تطاوين ودهم الناس ما دهمهم من أمر الحمايات وأكثر من تعلق بها اليهود لم يقتصروا على ذلك وراموا الحرية تشبها بيهود مصر ونحوها فكتبوا إلى يهودي من كبار تجارهم باللوندرة اسمه روشابيل وكان هذا اليهودي قارون زمانه وكانت له وجاهة كبيرة في دولة النجليز لأنها كانت تحتاج إليه فيسلفها الأموال الطائلة وله في ذلك أخبار مشهورة فكتب يهود المغرب إليه أو بعضهم يشكون إليه ما هم فيه من الذلة والصغار ويطلبون منه الوساطة لهم عند السلطان رحمه الله في الإنعام عليهم بالحرية فعين هذا اليهودي صهرا له للوفادة على السلطان رحمه الله في هذا الغرض وفي غيره وأصحبه هدايا نفيسة وسأل من دولة النجليز أن يشفعوا له عند السلطان ويكتبوا له في قضاء غرضه ففعلوا وقدم على السلطان بمراكش وقدم هداياه وسأل تنفيذ مطلبه فتجافى السلطان رحمه الله عن رده مخفقا وأعطاه ظهيرا فتمسك به اليهودي يتضمن صريح الشرع وما أوجب الله لهم من حفظ الذمة وعدم الظلم والعسف ولم يعطهم فيه حرية كحرية النصارى ونص الظهير المذكور بالطابع الكبير .
بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم نأمر من يقف على كتابنا هذا أسماه الله وأعز أمره وأطلع في سماء المعالي شمسه المنيرة وبدره من سائر خدامنا وعمالنا والقائمين بوظائف أعمالنا أن يعاملوا اليهود الذين بسائر إيالتنا بما أوجبه الله تعالى من نصب ميزان الحق والتسوية بينهم وبين غيرهم في الأحكام حتى لا يلحق أحدا منهم مثقال ذرة من الظلم ولا يضام ولا ينالهم مكروه ولا اهتضام وأن لا يتعدوا هم ولا غيرهم على أحد منهم لا في أنفسهم ولا في أموالهم وأن لا يستعلموا أهل الحرف منهم إلا عن طيب أنفسهم وعلى شرط توفيتهم بما يستحقونه على عملهم لأن الظلم ظلمات يوم القيامة ونحن لا نوافق عليه لا في حقهم ولا في حق غيرهم ولا نرضاه لأن الناس كلهم عندنا في الحق سواء ومن ظلم أحدا منهم أو تعدى عليه فإنا نعاقبه بحول الله وهذا الأمر الذي قررناه وأوضحناه وبيناه كان مقررا ومعروفا محررا لكن زدنا هذا المسطور تقريرا وتأكيدا