@ 107 @ .
المعلم الحاذق في تعريبه وليس ذلك بعسير على من وفقه الله إليه وليس فيه إلا إبدال لفظ عجمي بلفظ عربي بأن يقول مثلا أمام خلف دائرة نصف دائرة وهكذا فإذا مرنوا عليه شهرا أو شهرين كان أسهل شيء عليهم لأن تلك هي لغتهم التي فيها نشأوا وعليها ربوا فالعمل عجمي والكلام الذي ينبهون به على ذلك العمل عربي فأي كلفة في هذا وبه يندفع عنهم التشبه بالعجم المنهي عنه شرعا فإن التزيي بزيهم لا يأتي بخير أبدا وهو والله من أفسد الأشياء للدين الذي نريد أن نحوطه بهم .
قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه من لم تصلحه السنة فلا أصلحه الله ثم عمود هذا كله وصلبه العقيم له وروحه الذي به حياته هو الكفاية في المطعم والملبس وليختر لهم من الأغذية أطيبها وأنفعها للبدن وليجعل لهم كسوتان كسوة الشتاء وكسوة الصيف وليتخير لهم من المساكن والمنازل أطيبها وأصلحها هواء وأبعدها عن محل الوخم وليلزمهم بالاعتناء بتنظيف مساكنهم وتبريدها وتطييبها حتى لا ينشأ عنها داء وإذا تراخوا في مثل ذلك عوقبوا عليه لأنه دال على دناءة الهمة ودنيء الهمة لا يأتي منه شيء وليرتب لهم الأطباء العارفون حتى إذا أصاب أحدا منهم مرض عالجه الطبيب في الحال فإن هذا الجند هو سور الإسلام وسياج الدين فبحفظه يحفظ الدين وبسلامته يسلم فإذا اتخذ الجند على هذه الكيفية التي ذكرنا سهل على الناس الدخول في الجندية وتنافسوا فيها ومن كان عنده من الرعية درهم طابت نفسه بأن يقتسمه معهم ويكون الجند حينئذ في مرتبة هي أشرف من مرتبة الرعية بكثير لأن الجند يحفظهم والرعية تكسب وتبذل لهم ثم إذا ظهر من آحاد الجند نجابة أو شجاعة أو نصيحة في الخدمة السلطانية رفع قدره ونوه باسمه ليغتبط هو بمنزلته ويزداد في خدمته ويغبطه غيره وينافسه في خصاله التي أكسبته تلك المنزلة وليقس ما لم يقل والله الهادي إلى التوفيق بمنه ولنرجع إلى التاريخ فنقول .
وفي سنة سبع وسبعين ومائتين وألف وذلك في يوم الثلاثاء الثاني عشر