@ 106 @ .
المسلمين فإنا لم نرد بجمع هذا الجند إلا حفظ الدين فإذا كان الجند مضيعا له فكيف يحفظه على غيره ويعود على المسلمين نفعه ثم بعد هذا يعلمون الأمور التي تدل على كمال المروءة وعلو الهمة من الحياء والحشمة والإيثار وترك الكلام الفحش وتوفير الكبير ورحمة الصغير ويلقنون أن من أفضل الخصال عند الله وعند العباد الغيرة على الدين والوطن ومحبة السلطان ونصحه ويقال له مثلا إذا كان العجمي الزنديق يغضب لدينه الباطل ووطنه فكيف لا يغضب العربي المؤمن لدينه ودولته ووطنه ولا بد من ترتيب مجلس يومي يسمعون فيه سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومغازيه ومغازي الخلفاء الراشدين وسلف الأمة وأخبار رؤساء العرب وحكمائها وشعرائها ومحاسنهم وسياساتهم وليتخير لهم من الكتب الموضوعة في ذلك أنفعها مثل كتاب الأكفاء لأبي الربيع الكلاعي وكتاب ابن النحاس في الجهاد وكتاب سراج الملوك ونحوها فإن ذلك مما يقوي إيمانهم ويحرك هممهم ويؤكد محبتهم في الدين وأهله وينبهون على التحافظ على ثيابهم وأطرافهم من الأوساخ والأوضار التي تدل على دناءة الهمة ونقصان الإنسانية وعدم النخوة ويلزمون بترك استعمال الدخان فإنه مناف لنظافة الدين ومذهب للمروءة والمال بلا فائدة ثم إذا رسخت فيهم هذه الآداب في ستة أشهر أو عشرة أو أكثر أخذوا في تعلم الثقافة وأمور الحرب ثم من أهم ما يعتنى به في شأنهم أن لا يتخلقوا بأخلاق العجم ولا يسلكوا سبيلهم في اصطلاحاتهم ومحاوراتهم وكلامهم وسلامهم وغير ذلك فقد عمت المصيبة في عسكر المسلمين بالتخلق بخلق العجم فيريدون تعلم الحرب ليحفظوا الدين فيضيعون الدين في نفس ذلك التعلم فلا تمضي على أولاد المسلمين سنتان أو ثلاث حتى يصيروا عجما متخلقين بأخلاقهم متأدبين بآدابهم حتى أنهم تركوا السلام المشروع في القرآن وأبدلوه بوضع اليد خلف الأذن فيجب على معلمهم في حالة تعليمه إياهم أن يعدل عن الاصطلاح العجمي إلى العربي ويعبر عن الألفاظ العجمية بالعربية وإن كان أصل العمل مأخوذا عن العجم فليجتهد