@ 99 @ .
خلفه وتقدم حتى كان بوادي أبي صفيحة فلما شعر به الناس من أهل المداشر والمتطوعة تسابقوا إليه من كل جانب ووافق ذلك اليوم قدوم عرب الحياينة جاؤوا في حرد كبير وحنق شديد فقويت قلوب الناس بهم واشتد أزرهم وتقدموا إلى العدو فأنشبوا معه الحرب بأبي صفيحة قبل أن يصل إلى محلة المسلمين وكثروه فأوقعوا به وقعة أنست ما قبلها فقتلوا منه ما خرج عن الحصر وأما الجرحى فقل ما شئت وكست قتلاه الأرض ولما أعياه الدفن جعل يجمع الجماعة من الثمانية إلى العشرة ويهيل عليها التراب ومع ذلك بقي منه عدد كبير بلا دفن حتى أنتن موضع المعركة من شدة نتن الجيف ونال المسلمون من عدوهم في هذا اليوم ما لم ينالوا قبله مثله ولا ما يقاربه وكان الذكر فيه لعرب الحياينة ثم للمتطوعة غيرهم وأما محلة المولى العباس فكانت بعيدة عن المعركة بمسافة كبيرة .
وقد ذكر منويل خبر هذا اليوم فأقر بأنه أهرق منهم دم كثير وخسروا فيه عددا كبيرا من نفوس العسكر والخيل ولما بلغ المولى العباس أن العدو قد برز من تطاوين وأن المسلمين يقاتلونه الآن في أبي صفيحة قلب رأيه واستأنف النظر في عاقبة أمره ورأى أن المسلمين وإن نالوا من العدو في هذه المرة وأبلغوا في نكايته لكن الثمرة ضعيفة من جهة أن نكايتنا له إنما هي في القتل والجرح ونكايته في أخذ الأرض والاستيلاء عليها كما قلنا غير مرة فجنح رحمه الله إلى الصلح واختاره على الحرب حتى تدور للمسلمين سعود إن شاء الله .
أخبرني صاحبنا القائد الأجل أبو عبد الله محمد بن إدريس بن حمان الجراري حفظه الله قال لما طالت الحرب بين المسلمين والنصارى على تطاوين استدعاني السلطان وسيدي محمد بن عبد الرحمن رحمه الله وأعطاني ستين ألف مثقال أذهب بها إلى جيش المسلمين المرابط على تطاوين بقصد المؤنة والصائر وقال لي مع ذلك إذا وصلت إلى محلة المسلمين فانظر