@ 98 @ .
الأدب والخضوع للمولى العباس ما جاوز الحد وتفاوضوا ساعة ثم انفض المجلس وتناقل الناس أن حاصل ما دار بينهما أن أردنيل رغب في الصلح وتأكيد الوصلة بينهم وبين المسلمين على شروط ذكرها وأن المولى العباس توقف فيها وأحال ذلك على مشورة أخيه السلطان سيدي محمد وذهب كل إلى سبيله وبقي الناس ينتظرون الجواب بأي شيء يأتي من عند السلطان وبعد أيام ورد الخبر بأن السلطان لم يقبل ذلك الصلح فاستمر الناس على حالتهم الأولى من كون محلة العدو بتطاوين وبعضها خارجها شرقا وغربا ومحلة مولاي العباس على بعد من البلد مقدار نصف يوم ثم إن المسلمين اجتمعوا ذات يوم وبيتوا محلة العدو النازلة خارج البلد في ليلة معلومة فتقدموا إليها وذلك في أواخر شعبان سنة ست وسبعين ومائتين وألف وهجموا عليها في ليلة مظلمة والنصارى غارون وفتكوا فيهم فتكة بكرا باتوا يقتلونهم الليل كله ومن الغد كذلك إلى المساء وقاتل النصارى ذلك اليوم أيضا ولكن الظهور كان للمسلمين ولولا قوة نفوس العدو باستنادهم إلى البلد وتحصن كبيرهم بها لكانوا انكسروا كسرة شنيعة وكان عدد القتلى من النصارى في هذه الوقعة نحو الخمسمائة والجرحى أكثر من ألف وأما المسلمون فكان القتل فيهم ضعيفا ولما أصبح أردنيل ورأى ما حل بعسكره ساءت أخلاقه وقلب لأهل تطاوين ظهر المجن وأبدل تلك الشفقة التي كان يعاملهم بها بالغلظة والبشاشة بالاكفهرار وعمد إلى مسجد الشيخ أبي الحسن علي بركة رحمه الله فاتخذه مارستانا للجرحى فظلت الجرحى تنقل إليه وفرض على أهل تطاوين اللحف والقطائف فجمع من ذلك شيئا كثيرا فرشه بالمسجد المذكور لجرحاه وصار عامة عسكر النصارى بتطاوين كلما لقوا أحدا من المسلمين عيروه بالغدر وقبحوه ثم إن أردنيل أقام بعد هذه الوقعة نحو عشرة أيام ريثما استجم جيشه وأبلت جرحاه وخرج في تمام الشوكة وكمال الاستعداد يريد أن يضرب في محلة المسلمين فجعل تطاوين