@ 91 @ .
وباتوا ليلتهم كذلك إلى الصباح ولما طلع النهار وتراءت الوجوه انتقلوا من نهب الأمتعة إلى المقاتلة عليها فهلك داخل المدينة نحو العشرين نفسا وعظمت الفتنة وتخوف من بقي بتطاوين عاجزا عن الفرار فاجتمع جماعة منهم على الحاج أحمد بن علي آبعير أصله من طنجة وسكن تطاوين وتشاوروا فيما نزل بهم فأجمع رأيهم على أن يكتبوا كتابا إلى كبير محلة العدو أردنيل يطلبون منه أن يقدم عليهم لتحسم مادة الفتنة التي هم فيها فكتبوا الكتاب ووجهوه مع جماعة منهم فما انفصلوا عن المدينة غير بعيد حتى عثروا على طلائع العدو يطوفون حول المدينة ويحرسون محلتهم فتسابقوا إليهم وهشوا وبشوا وسألوهم ما الذي أقدمكم فقالوا جئنا بكتاب إلى أردنيل فأبلغوهم إليه فأظهر أيضا البشر والفرح وقدم إليهم طعاما من الحلواء وقال لهم في جملة كلامه إني أفعل معكم ما لم يفعله الفرنسيس مع أهل الجزائر وتلمسان يعني من الإحسان وكذب خذله الله فإن ذلك من حيله التي يستهوي بها الأغمار ويفسد بها الدين وإلا فأي إحسان فعله الفرنسيس مع أهل الجزائر وتلمسان ألسنا نرى دينهم قد ذهب وأن الفساد قد عم فيهم وغلب وأن ذراريهم قد نشؤوا على الزندقة والكفر إلا قليلا وعما قريب يلحق التالي بالمقدم والله تعالى يحوط ملة الإسلام ويكسر بقوته شوكة الزنادقة وعبدة الأصنام ولما عرضوا على العدو الدخول إلى بلدهم قال لهم أما اليوم فيوم الأحد وهو عيد النصارى ولا يحل لي التحرك والانتقال وأما غدا فانظروني في الساعة العاشرة من النهار فرجعوا إلى أهلهم وأصحابهم وأعلموهم بمقالة العدو والحال ما حال والقتال لا زال وأبواب الحوانيت تكسر والدور تخرب والقوي يأكل الضعيف وباتوا ليلة الاثنين كذلك وأصبحوا من الغد كذلك ثم إن العدو استعد وأخذ أهبته وتقدم إلى تطاوين بعد أن فرق عسكره على جهتين فرقة مرت مع أردنيل على الجبانة قاصدة الباب الذي يفضي إليها وفرقة ذهبت مستعلية إلى جهة القصبة والبرج ولما وصل أردنيل إلى الباب وصل الآخرون إلى القصبة فأما أردنيل فوجد الباب مغلقا وكلمه المسلمون من داخل المدينة فأمرهم