@ 89 @ .
الحسين المعروف بأبي ريالة منهم فإنه أبدأ وأعاد وأتى بما لم يسمع إلا في زمان الصحابة رضي الله عنهم .
حكى من حضر وتواتر عنه أنه كان معلما براية صفراء وكان يضمها إلى صدره ويسددها نحو العدو ثم يحمل على صفهم فيخرقه حتى يأتي من خلفه ويفتك فيهم أشد الفتك ثم يعود ويستلب خيل العدو ويقودها بأرسانها ويأتي بها حتى يدفعها لمن بإزائه وكان إذا تقدم نحو العدو يقول لمن حوله تقدموا فأنا درقتكم وأنا سوركم تكرر ذلك منه المرة بعد المرة ولما أصبح العدو بالمضيق فارق البحر وصمد إلى تطاوين فدخل بين جبلين وكان في انتهاء ذلك المضيق الذي بين الجبلين من جهة تطاوين ويسمى فم العليق بعض أخبية أهل فاس وغيرهم فصمد العدو نحوهم وبغتهم بالكور والضوبلي وهو يقرع طبوله حتى أعجل البعض منهم عن حمل أثقاله ولما وصل إلى هذا الموضع حصل بتطاوين انزعاج كبير واستأنف الناس الجد والاجتهاد والقتال وتذامر جيش المسلمين وكان اليوم شديد المطر وقاتلوا قتالا شديدا وأبدأ أبو ريالة وأعاد في هذا اليوم هلك تحته فرسان وأرسل له المولى العباس فرسه وكان يعتني به وينوه بقدره ويبعث الطبل يقرع على خبائه وأصابته في هذا اليوم جراحة خفيفة وهلك من المسلمين والنصارى عدد كثير قيل هلك من أهل تطاوين فقط نحو الخمسمائة وكان الظهور في ذلك اليوم للعدو ومن الغد ارتحل من فم العليق وعدل يسارا إلى المرسى فنزل بها ليتمكن من مدد البحر واستولى على برج مرتيل وما والاه كدار مرتيل التي هي الديوانة وبمجرد وصوله إليها حصنها بأشبارات الرمل والمدافع وغير ذلك واتخذ بها دورا من اللوح وحوانيت منه وأقام مطمئنا وصارت المراكب تتردد له في البحر بالأقوات والعدة والعسكر وجميع ما يحتاج إليه حتى استراح ثلاثة عشر يوما ولم يكن في هذه المدة قتال ولا أنشبه العدو وفي هذه الأيام ورد المولى أحمد بن عبد الرحمن في جيش بعث به السلطان من مكناسة ونزل بموضع يقال له فم الجزيرة بالتصغير وكان المولى العباس نازلا بمدشر القلالين بمحل مرتفع يشرف على ما حوله ولما استراح العدو