@ 62 @ .
حومة باب أحسين من المدينة المذكورة وكان رحمه الله عارفا بالفقه والحديث والنحو قد أفنى عمره في جمع الكتب ونسخها وخطه معتمد سالم من التصحيف وكانت فيه شفقة على الضعفاء والأشراف وذوي البيوتات كثير البرور بهم والإحسان إليهم رحمه الله وفي يوم الأربعاء فاتح هذه السنة توفي الشريف البركة الأفضل أبو عبد الله سيدي الحاج العربي بن علي الوزاني وكان جليل القدر شهير الذكر نفعنا الله به وبأسلافه .
وفي سنة ثمان وستين ومائتين وألف هجم الفرنسيس على ثغر سلا وذلك بسبب مركبين وردا إلى مرسى العدوتين مملوءين قمحا وكانت السنة سنة مسغبة فنشب المركبان بساحل سلا فتسارعت العامة إليهما وانتهبوهما ثم تجاوزوا ذلك إلى ألواح المركبين وآلتهما فتوزعوها وكان المركبان لتجار الفرنسيس فتكلموا في شأنهما مع السلطان رحمه الله فكتب إلى عامل سلا أبي عبد الله محمد بن عبد الهادي زنيبر يستكشفه عن الخبر فجحد ذلك ظنا منه أنه يدفع بذلك عن البلد ولما لم يحصل الفرنسيس بالكلام مع السلطان على طائل هجم على سلا يوم الثلاثاء مهل صفر من السنة المذكورة في خمسة بابورات وقاباق كبير ويقال له النابيوس يشتمل على نحو ستين مدفعا أو أكثر ومن الغد زحف بمراكبه حتى سامت بها البلد في الساعة العاشرة من النهار وشرع في رمي الكور والبنب إلا واحدا منها فإنه تباعد قليلا وبقي ينظر قيل هو للنجليز وكان ترادف الكور والبنب على البلد على صورة فظيعة مثل الرعد القاصف تكاد تنهد له الجبال وكان في أول النهار لا يفتر وبعد الزوال صار تتخلله فترات يسيرة واستمر الحال على ذلك إلى أن غربت الشمس ومضى نحو نصف ساعة وكانت مدة الرمي ثماني ساعات ونصفا وبذل الناس مجهودهم في مقابلتهم بالرمي وفي آخر النهار عجز الناس وبقي يرمي وحده واستشهد من المسلمين نحو سبعة أنفس وكان الكور والبنب الذي رمى به العدو في ذلك اليوم شيئا كثيرا فالمقلل يقول سبعة آلاف والمكثر يقول اثنا عشر ألفا وكان البنب يتفرقع بعد مدة وقتل أناسا ووقع في المسجد الأعظم ومناره كور كثير خرق