@ 44 @ .
أبعد قلت بل أقرب قال أنا كبير من كبراء العسكر وتحت نظري ثمان عشرة مائة بقي منها في هذه الوقعة ثمانية عشر عسكريا انتهى كلام هذا المخبر .
ثم إن الزمالة والدوائر لجوا في موالاة الفرنسيس وأحكموا أمرهم معه وولوا عليهم رجلا منهم يقال له المصطفى بن إسماعيل كان هو السبب الأكبر في تملك الفرنسيس بلاد المغرب الأوسط وجل الحروب التي كانت تكون بين المسلمين والنصارى في تلك المدة على يده إلى أن قتل منتصف سنة تسع وخمسين ومائتين وألف ضاعف الله عليه غضبه ونقمته ولما اتصل بالسلطان المولى عبد الرحمن رحمه الله ما عليه الحاج عبد القادر من جهاد عدو الدين وحماية بيضة المسلمين أعجبه حاله وحسنت منزلته عنده لأنه رأى أنه قد قام بنصرة الإسلام على حين لا ناصر له فصار السلطان رحمه الله يمده بالخيل والسلاح والمال المرة بعد المرة على يد الأمين الحاج الطالب بن جلون الفاسي وغيره وطالت الحرب بينه وبين الفرنسيس واستولى الفرنسيس في بعض الكرات على تلمسان وضايقه الحاج عبد القادر فيها حتى أخرجه منها ثم استردها الفرنسيس بعد معارك شديدة ومواقف صعبة إلا أن ضرر الحاج عبد القادر للفرنسيس كان مقصورا على قتل النفوس واستلاب الأموال وأما الفرنسيس فكان ضرره بالمسلمين عائدا على تملك بلادهم وتنقصها من أطرافها ودام ذلك مدة من ست عشرة سنة .
وبالجملة فلقد كان الحاج عبد القادر هذا في أول أمره على ما ينبغي من المثابرة على الجهاد والدرء في نحر العدو ولولا أنه انعكس حاله في آخر الأمر وخلصت الأرض للفرنسيس والله غالب على أمره .
وفي سنة خمسين ومائتين وألف ولد مؤلف هذا الكتاب أحمد بن خالد الناصري السلاوي أخبرتني والدتي الست فاطمة بنت الفقيه السيد محمد بن محمد بن قاسم بن زروق الحسني الإدريسي الجباري أني ولدت بعد طلوع الفجر صبيحة يوم السبت الثاني والعشرين من ذي الحجة من السنة