@ 210 @ على أطراف البلاد فلا يمر بهم أحد حتى يعرف نسبه وحاله وإني أكره أن أتعرض لدماء آل البيت فلك ولهم الأمان فاذهب إليهما وأعلمهما بمقالي وأمرهما بالخروج من عملي وقد أجلتهما ثلاثا فسار الرجل فاشترى راحلتين لإدريس ومولاه واشترى لنفسه أخرى ووضع زادا يبلغهما إلى إفريقية وقال لراشد اخرج أنت مع الرفقة على الجادة وأخرج أنا وإدريس على طريق غامض لا تسلكه الرفاق وموعدنا مدينة برقة فخرج راشد مع الرفقة في زي التجار وخرج إدريس مع المصري فسلكا البرية حتى وصلا إلى برقة وأقاما بها حتى لحق بهما راشد ثم جدد المصري لهما زادا وودعهما وانصرف .
وسار إدريس وراشد يجدان السير حتى وصلا إلى القيروان فأقاما بها مدة ثم خرجا إلى المغرب الأقصى .
وكان راشد من أهل النجدة والحزم والدين والنصيحة لآل البيت فعمد إلى إدريس حين خرجا من القيروان فألبسه مدرعة صوف خشينة وعمامة كذلك وصيره كالخادم له يأمره وينهاه كل ذلك خوفا عليه وحياطة له ثم وصلا إلى مدينة تلمسان فأراحا بها أياما ثم ارتحلا نحو بلاد طنجة فسارا حتى عبرا وادي ملوية ودخلا بلاد السوس الأدنى وتقدما إلى مدينة طنجة وهي يومئذ قاعدة بلاد المغرب الأقصى وأم مدنه فأقاما بها أياما فلما لم يجد إدريس بها مراده خرج مع مولاه راشد حتى انتهيا إلى مدينة وليلى قاعدة جبل زرهون .
وكانت مدينة متوسطة حصينة كثيرة المياه والغروس والزيتون وكان لها سور عظيم من بنيان الأوائل يقال إنها المسماة اليوم بقصر فرعون فنزل بها إدريس على صاحبها ابن عبد الحميد الأوربي فأقبل عليه ابن عبد الحميد وبالغ في إكرامه وبره فعرفه إدريس بنفسه وأفضى إليه بسره فوافقه على مراده وأنزله معه في داره وتولى خدمته والقيام بشؤونه .
وكان دخول إدريس المغرب ونزوله على ابن عبد الحميد بمدينة وليلى