@ 209 @ به ولم ير شيئا أخلص له من أن يحمله على البريد إلى المغرب ففعل ولحق إدريس بالمغرب الأقصى هو ومولاه راشد فنزل بمدينة وليلى سنة ثنتين وسبعين ومائة وبها يومئذ إسحاق بن محمد بن عبد الحميد أمير أوربة من البربر البرانس فأجاره وأكرمه وجمع البربر على القيام بدعوته وخلع الطاعة العباسية وكشف القناع في ذلك وانتهى الخبر إلى الرشيد بما فعله واضح في شأن إدريس فقتله وصلبه .
وقال ابن أبي زرع في كتاب القرطاس إن إدريس بن عبد الله لما قتلت عشيرته بفخ فر بنفسه متسترا في البلاد يريد المغرب فسار من مكة حتى وصل إلى مصر ومعه مولى له اسمه راشد فدخلها والعامل عليها يومئذ لبني العباس هو علي بن سليمان الهاشمي فبينما إدريس وراشد يمشيان في شوارع مصر إذا مرا بدار حسنة البناء فوقفا يتأملانها وإذا بصاحب الدار قد خرج فسلم عليهما وقال ما الذي تنظرانه من هذه الدار فقال راشد أعجبنا حسن بنائها قال وأظنكما غريبين ليسا من هذه البلاد فقال راشد جعلت فداك إن الأمر كما ذكرت قال فمن اي الأقاليم أنتما قالا من الحجاز قال فمن أي بلاده قالا من مكة قال وأخالكما من شيعة الحسنين الفارين من وقعة فخ فهما بالإنكار ثم توسما فيه الخير فقال راشد يا سيدي أرى لك صورة حسنة وقد توسمت فيك الخير أرأيت إن أخبرناك من نحن أكنت تستر علينا قال نعم ورب الكعبة وأبذل الجهد في صلاح حالكما فقال راشد هذا إدريس بن عبد الله بن حسن وأنا مولاه راشد فررت به خوفا عليه من القتل ونحن قاصدون بلاد المغرب فقال الرجل لتطمئن نفوسكما فإني من شيعة آل البيت وأول من كتم سرهم فأنتما من الآمنين ثم أدخلهما منزله وبالغ في الإحسان إليهما فاتصل خبرهما بعلي بن سليمان صاحب مصر فبعث إلى الرجل الذي هما عنده فقال له إنه قد رفع إلي خبر الرجلين الذين عندك وإن أمير المؤمنين قد كتب إلي في طلب الحسينين والبحث عنهم وقد بث عيونه على الطرقات وجعل الرصاد