@ 172 @ .
الحروب بنفسه ويعمل بعمل أهل الصدر الأول فيقف في قلب الجيش كالجبل الراسي وأمراؤه يباشرون الحروف بأنفسهم في الميمنة والميسرة وهو ردء لهم كلما رأى فرجة سدها أو خللا أصلحه وهو كالصقر مطل على حومة الوغا فإذا أمكنته فرصة أنتهزها ومن شدة ثباته وعدم تزحزحه أنه كان لا يركب وقت الحرب إلا البغلة وبذلك جرى عليه في وقعة ظيان والشراردة ما جرى فكان حماته يفرون عنه بلا حياء ويبقى هو ثابتا رحمه الله .
وأما جمعه لأشتات العلوم فلقد كان وارثا من ورثة الأنبياء حاملا للواء الشريعة جامعا مانعا إذا بوحث في الأخبار كان كجامع سفيان أو في الأشعار فكنابغة ذبيان أو في الفطنة والفراسة فكإياس أو في النجدة والرأي فكالمهلب وإذا خاض في السنة والكتاب أبدى ملكة مالك وابن شهاب ولو تصدى في الفقه للفتيا والتدريس لم يشك سامعه أنه ابن القاسم أو ابن إدريس وإذا تكلم في علوم القرآن أنهل بما يغمر مورد الظمآن .
قال صاحب البستان ولا يعرف مقدار هذا السلطان إلا من تغرب عن الأوطان وحمل عصا التسيار ورمت به في الأقطار الأسفار وشاهد سيرة الملوك في العباد وما عمت به البلوى في سائر البلاد ولا يتحقق أهل المغرب بعدله إلا بعد مغيبه وفقده .
( المرء ما دام حيا يستهان به % ويعظم الرزء في حين يفتقد ) .
ومن آثاره الباقية وبناءاته العادية فبفاس المسجد الأعظم بالرصيف الذي لا نظير له كان حفر أساسه المولى يزيد واشتغل عنه وتركه فافتتح هو عمله ببنائه وتشييده وأبقاه دينا على الملوك وبنى مسجد الديوان كان صغيرا فهدمه وزاد فيه أملاكا وجعله مسجدا جامعا تقام فيه الجمعة وبنى مسجد الشرابليين زاد فيه ووسعه وجعله مسجدا جامعا كذلك وبنى مسجد الشيخ أبي الحسن بن غالب وضريحه وبنى ضريح الشيخ أبي محمد عبد الوهاب التازي وهدم مدرسة الوادي ومسجدها لتلاشيهما وجددهما على شكل آخر وجدد المدرسة العنانية وأصلح مسجد القصبة البالية وبيضه بالجص وزلجه وبنى باب الفتوح على هيئة ضخمة وباب بني مسافر والباب الجديد