@ 171 @ .
وأما صبره عند الشدائد واحتمال العظائم وتجلده عند حلول الخطب ونزول المقدور فحدث عن البحر ولا حرج وعن الجبل سكونا ورسوخ قدم .
قال صاحب البستان ولو حدثنا بما شاهدناه منه لكان عجبا وأما العدل فإنه ما رئي في ملوك عصره أعدل منه ومن عجيب سيرته أنه كان يلزم العمال رد ما يقبضونه من الرعايا على وجه الظلم من غير إقامة بينة عليهم على ما جرى به عمل الفقهاء من قلب الحكم في الدعوى على الظلمة وأهل الجور حسبما ذكره الوانشريسي وغيره ومن عدله واقتصاده ما حكاه لنا الفقيه أبو العباس أحمد بن المكي الزواوي المؤقت بالمسجد الأعظم من سلا قال مر السلطان المولى سليمان بسلا سنة ست وثلاثين ومائتين وألف فنزل برأس الماء واستدعاني للقيام بوظيفة التوقيت عنده قال فدخلت عليه فإذا هو رجل طويل أبيض جميل الصورة ففاوضني في مسائل من التوقيت وكان يحسنه فأجبته عنها فأعجبه ذلك ثم وصلني بضبلونين وأخرج مجانته من جيبه ليحققها فرأيت مجدولها من صوف ثم حضرت صلاة العصر فتقدم وصلى بنا فرأيت سراويله مرقعة وكان إمام صلاته الراتب هو الفقيه السيد الحاج العربي الساحلي لكنه صلى بنا تلك الصلاة ولما فرغنا من الصلاة وانقلبنا إلى منازلنا جيء بالطعام وهو قصيعة من الكسكس عليها شيء من اللحم والخضرة وليس معها غيرها قال وكانت عادة المولى سليمان في السفر أن لا يتخذ كشينة أي مطبخا إنما هو طعام يسير يصنع له ولبعض الخواص مما يكفي من غير إسراف حتى أن الكتاب كانوا يقبضون ست موزونات ويعولون أنفسهم وكانت أقواتهم وأزوادهم خفيفة اه .
وأما سياسته الخاصة في جبر القلوب واستئلاف الشارد وتسكين المرتاب وإرضاء الولي ومجاداة العدو والدفاع بالتي هي أحسن عند اشتباه الأمور ومعاناة الرجال بوجوده المكائد والحيل في الأمور التي لا ينفع فيها حرب ولا قوة فشيء لا يبلغ فيه شأوه ولا يشق غباره .
وأما عادته في الحرب فقد أخذ فيها بسيرة العجم بحيث لا يباشر