@ 158 @ .
وهو سائر إلى فاس رؤيا وهي أنه دخل فاسا وزار تربة المولى إدريس رضي الله عنه وقلده سيفا وصعد المنار وأذن فكان من عجيب صنع الله أن فتح عليه فاسا ودخلها وزار المولى إدريس وأذن بمنارة على الهيئة التي رأى وجاء رجل من أولاد البقال فقلده سيفا تصديقا للرؤيا ولما دخل ضريح المولى إدريس وجد الشريف البركة سيدي الحاج العربي بن علي الوزاني هنالك فعاتبه السلطان عتابا خفيفا وزال ما بصدره عليه وانقطعت أسباب الفتن والحمد لله .
واعلم أن ما صدر من أهل فاس ومن وافقهم على هذه البيعة لا لوم عليهم فيه وماكان من حق السلطان رحمه الله أن يبعث إليهم بذلك الكتاب الذي أوقعهم في حيص بيص وكان سببا لهذه الفتن وقول أكنسوس إن السلطان أراد تهييجهم على التمسك بطاعته كما فعل مع أهل مراكش ليس بشيء أو ما علم السلطان رحمه الله كلام الكبراء خصوصا الملوك مما تتوفر الدواعي على نقله وأن العامة إذا نقلته وضعته غالبا في غير محله وفي الصحيح أن عمر رضي الله عنه بلغه وهو بمنى أن رجلا قال والله لو قد مات عمر لبايعنا فلانا يريد رجلا من غير قريش فقال عمر رضي الله عنه لأقومن العشية فأحذر هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغصبوهم فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه لا تفعل يا أمير المؤمنين فإن الموسم يجمع رعاع الناس يغلبون على مجلسك فأخاف أن يسمعوا منك كلمة فلا ينزلوها على وجهها ويطيروا بها عنك كل مطير فامهل حتى تقدم المدينة دار الهجرة ودار السنة فتخلص بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار فيحفظوا مقالتك وينزلوها على وجهها فقال عمر والله لأقومن به في أول مقام أقومه بالمدينة الحديث فانظر كيف منع عبد الرحمن عمر رضي الله عنه من الكلام بالموسم وبمحضر العامة خوفا من وقوع الفتنة وانقاد له عمر حيث علم أن ذلك هو الصواب وكان وقافا عند الحق هذا والناس ناس والزمان زمان وفي خير القرون فكيف في زمان قل علمه وكثر