@ 159 @ جهله وغاض خيره وفاض شره وأمر السلطان متداع مختل والفتنة قائمة على ساق كما رأيت فلهذا قلنا ما كان من حق السلطان أن يبعث بذلك الكتاب الموجه بمقصدين المحتمل احتمالين ولكن قضاء الله غالب .
ولما افتتح السلطان رحمه الله فاسا وصفا له أمرها عزم على النهوض إلى تطاوين فاستخلف على فاس وأعمالها ابن أخيه الفارس الأنجد السري الأسعد المولى عبد الرحمن بن هشام لعدالته وكفايته وحسن سياسته وأخذ معه المولى السعيد بن يزيد وخرج في جيش الودايا والعبيد وقبائل الحوز أوائل شعبان سنة سبع وثلاثين ومائتين وألف فجعل طريقه على بلاد سفيان ولما وصل إلى الموضع المعروف بالحجر الواقف بين نهري سبو وورغة قدم عليه هنالك القائد أبو عبد الله محمد بن العامري اليحياوي في قومه بني حسن والقائد أبو عبد الله محمد المعتوجي السفياني وقاسم بن الخضر في قومهما سفيان وبني مالك وقدم عليه هنالك أولاد الشيخ أبي عبد الله سيدي العربي الدرقاوي صبية صغارا يشفعون في أبيهم ليسرحه لهم فوصلهم وكساهم وقال لهم والله ما سجنته ولا أمرت بسجنه ولكن اتركوه فسيسرحه الله الذي سجنه فكان الأمر كذلك فإنه بقي في السجن حتى توفي السلطان المولى سليمان وبويع المولى عبد الرحمن بن هشام فافتتح عمله بتسريحه ولما نزل السلطان رحمه بمشرع مسيعيدة من نهر سبو وفد عليه أهل تطاوين تائبين ومعهم قائدهم العربي بن يوسف المسلماني وكان الناس يظنون أنه ينكل به وبمن قام معه في الفتنة فلم يفل لهم إلا خيرا حتى لقد قال له ابن يوسف يا مولانا إن أهل تطاوين لم يفعلوا شيئا وإني أنا الذي فعلت يريد أن يبرئهم ويفديهم بنفسه فقال له السلطان رحمه الله ما عندك ما تفعل أنت ولا هم وإنما الفاعل هو الله تعالى وصفح عنهم وأحسن إليهم ولما صفا أمر تطاوين ولم يبق ببلاد الغرب منازع انقلب السلطان راجعا إلى الحوز وجد السير إلى مراكش فدخلها في رمضان من السنة المذكورة