@ 149 @ .
بشهادة الله لأني ما وجدت معينا على الحق وكم مرة تحدثني نفسي أن أترك هذا الأمر وأتجرد لعبادة ربي حتى أموت فقال من حضر من أعيان الرحامنة وغيرهم يا مولانا بارك الله لنا في عمرك وجعلنا فداءك ونحن أمامك ووراءك فمرنا بما تشاء فقولك مطاع وأمرك ممتثل وما رأينا منك إلا الخير فسر السلطان بمقالتهم ودعا لهم بخير ولما فعل مع أهل مراكش هذا الأمر أراد أن يسلك مثله مع أهل فاس فوقع ما وقع ولما بعث السلطان بالكتاب المذكور إلى ابنه المولى علي بفاس أمره أن يقرأه على أهلها بمحضر الفقيه المفتي السيد محمد بن إبراهيم الدكالي والفقيه الشريف السيد محمد بن الطاهر الفيلالي والفقيه الكاتب السيد أبي القاسم الظياني والأمين السيد الحاج الطالب ابن جلون الفاسي فجمعهم المولى علي في المسجد الذي بباب داره بزقاق الحجر وقرأ عليهم الكتاب المذكور وكان المسجد غاصا بالخاصة والعامة فازدحموا عليه ليروا الكتاب بأعينهم وأكثروا عليه فضجر وقام ودخل داره وأغلقها عليه فقال بعض الناس إن السلطان قد خلع نفسه وقال لكم قدموا من ترضونه وقال آخرون إنه لم يخلع نفسه وجعل آخرون يقرعون باب المولى علي ويقولون أخرج إلينا كتاب السلطان حتى نقرأه ونعلم ما فيه فقال لهم إني أحرقته فازدادوا ريبة وصدقوا أن السلطان قد خلع نفسه واجتمع رؤساء أهل فاس منهم الحاج محمد بن عبد الرزيق والسيد محمد بن سليمان وعلال العافية وقدور بن عامر الجامعي ولم يكن من أهل فاس وإنما كان قاطنا بالطالعة وهؤلاء من أهل عدوة الأندلس وكذلك عيرهم من أهل عدوة القرويين واللمطيين ثم جمعوا الطلبة الذين حضروا قراءة الكتاب وألزموهم أن يكتب كل واحد منهم ما سمع فكتب لك واحد ما ظهر له ثم حازوا خطوطهم وخلصوا منها ما هو مرادهم وهو أن السلطان عجز وعزل نفسه وأمر الناس أن ينظروا لأنفسهم هذا والحرب قائمة بين أهل فاس والودايا