@ 143 @ $ ذكر ما حدث من الفتن بفاس وأعمالها بعد سفر السلطان المولى سليمان إلى مراكش $ .
لما عزم السلطان المولى سليمان رحمه الله على السفر إلى مراكش ندب جند العبيد إلى السفر معه فتثاقلوا عليه وظهر منهم قلة المبالاة به وأحس منهم بذلك فأعرض عنهم وبعد يوم أو يومين انسل من بين أظهرهم وقصد محلة أهل الحوز فدخل قبة القائد محمد بن الجيلاني ولد محمد الصغير السرغيني وكان السلطان يطمئن إليه منذ كان رفيقه في نكبته عند ظيان إذا كان ابن الجيلاني المذكور مأسورا عندهم وسرحوه للسلطان فرافقه إلى مكناسة حسبما مر ولما احتل السلطان بمحلة أهل الحوز ازداد فساد نية العبيد وسافر السلطان إلى مراكش وترك مضاربه وأثاثه بيدهم فتوزعوها وعادوا إلى مكناسة وسمع الناس بما ارتكبه هؤلاء العبيد في حق السلطان فعاد شباب الفتنة إلى عنفوانه وسرى في الحواضر والبوادي سم أفعوانه فخب عبيد مكناسة بعد قدوم إخوانهم عليهم في الفتنة ووضعوا وامتنع عمال الغرب وبني حسن من دفع الزكوات والأعشار وطردوا جباة السلطان وعمد الودايا بفاس إلى حارة اليهود التي بين أظهرهم بفاس الجديد فانتهبوها واستصفوا موجودها وأخذوا ما كان تحت أيدي اليهود من كتان وحرير وفضة وذهب لتجار أهل فاس إذ كانوا يخيطون لهم ويصنعون ما تدعو الحاجة إلى خياطته وصنعته فضاعت في ذلك أموال لا يحصيها قلم حاسب ثم جردوهم رجالا ونساء وسبوا نساءهم وافتضوا أبكارهم وسفكوا دماءهم وشربوا الخمور في نهار رمضان وقتلوا الأطفال ازدحاما على النهب ثم تجاوزوا هذا كله إلى حفر البيوت على الدفائن فوقعوا بسبب ذلك على أموال طائلة ولما رأوا ذلك قبضوا على أعيانهم وتجارهم وصادروهم بالضرب والنكال ليدلوهم على ما دفنوه من المال ومن عنده يهودية حسناء حالوا بينه وبينها حتى يفتديها بالمال وكان هذا الحادث العظيم في الثالث عشر من رمضان سنة