@ 115 @ $ بدء هيجان فتنة البربر وما نشأ عنها من التفاقم الأكبر $ .
لما دخلت سنة ست وعشرين ومائتين وألف قامت الفتنة بين قبائل البربر وكان ابتداؤها أولا بين آيت أدراسن وكروان وبين أعدائهم آيت ومالو أهل جبل فازاز ثم لما انتشبوا الحرب غدرت كروان بإخوانهم آيت أدراسن وانحازوا إلى آيت ومالو فانهزمت آيت أدراسن ووضع آيت ومالو فيهم السيف ونهبوا حلتهم بما فيها وتركوهم بالقاع مدقعين ولعصا الذل مهطعين ولم يفلت منهم إلا أصحاب الخيل الذين نجوا بنواصيها وقدموا على السلطان شاكين باكين فقام وقعد لذلك لما أوجب الله عليه من النظر لهم إذ هم رعيته وشيعته وشيعة والده من قبله فجهز العساكر لنصرتهم وعادوا إلى حرب كروان فظاهرهم آيت ومالو عليهم وهزموهم مرة أخرى ثم بعد هذا اتفقت البربر على حرب آيت أدراسن مناوأة للسلطان وبغضا في قائدهم محمد واعزيز الذي كان يوليه عليهم وبعثوا إلى دجالهم مهاوش المعد عندهم لأمثالها وتحالفوا عنده على معصية السلطان وطاعة الشيطان وعاثوا في الطرقات والرعايا واتسع الخرق وعظم الفتق فسارت إليهم العساكر من باب السلطان حتى نزلت بأحواز صفرو وكانت لنظر القائد محمد الصريدي الذي يبغضه البربر كبغض محمد واعزيز أو أكثر فكشفوا القناع في العصيان وزحفوا إلى الجيش وهو نازل حول صفرو فأحاطوا به وانتهبوه ففر من أفلت منه وتحصن الباقي بمدينة صفرو ونهبت القرى المجاورة لها وعاثوا في طرقات الصحراء فنهبوا من وجدوا بها مقبلا أو مدبرا وأعضل الداء وأعوز الدواء والسلطان مقيم بمكناسة يعالج دائهم فما نفع فيه ترياق وشمخت أنوف البربر وكلما بعث إليهم جيشا هزموه أو سرية انتهبوها قيل إن منشأ ذلك كان من أجل تمسك السلطان رحمه الله بمحمد واعزيز وجبرهم على طاعته وكانوا قد نفروا عنه لسوء سيرته فيهم