@ 114 @ .
لدفع ما وظف عليهم فدفعوا الماشية والكراع وخلى سبيلهم وفيها خرج السلطان من مكناسة لتفقد أحوال الثغور البحرية وكان المتولي على جمعها القائد الشهير أبو زيد عبد الرحمن بن علي أشعاش التطواني فعزله السلطان في هذه المرة وولى عليها القائد محمد السلاوي البخاري ثم ولاه على قبائل الغرب والجبال كلها وتتبع السلطان رحمه الله الثغور كلها وأحسن إلى أهلها .
ثم دخلت سنة أربع وعشرين ومائتين وألف فيها خرج السلطان إلى تادلا يريد عرب ورديغة وقبائل البربر الذين هنالك فأغارت عساكر السلطان عليهم ووقعت بينهم حرب فظيعة هلك فيها عدد من الفريقين ثم انتصرت العساكر السلطانية عليهم فهزموهم ونهبوا أموالهم وألجؤوهم إلى الطاعة فجاؤوا تائبين فعفا عنهم ثم أنفذ جيشا كثيفا لآيت يسري بعد أن قبض منهم على عدد معتبر فشنوا الغارة عليهم وقاتلوهم فأذعنوا لإعطاء المال ولما بذلوه سرح لهم إخوانهم المقبوض عليهم وعاد السلطان مظفرا منصورا .
ثم دخلت سنة خمس وعشرين ومائتين وألف فيها غزا السلطان بلاد الريف فنزل عين زورة وسرح الكتائب في قبائل الريف فحاربوها وهزموها وقتلوا مقاتلتها وسلبوا ذراريها وحرقوا مداشرها وألجؤوهم إلى الطاعة فقدموا على السلطان تائبين فعفا عنهم على أن يدفعوا ما ترتب عليهم ثم عين السلطان الأمناء الذين استوفوه منهم على التمام وعاد مظفرا منصورا وفي هذه السنين كلها كانت الرعية في غاية الطمأنينة والعافية والأمن والخصب والرخاء وكمال السرور والهناء حتى كانت هذه المدة غرة في جبهة ذلك العصر ودمية في محراب ذلك القصر ثم انعكست الأحوال وتراكمت الأهوال وعظمت الأوجال واتسع في الفتنة المجال وتم على هذا السلطان الجليل العالم النبيل في آخر عمره ما لم يتم على أحد من ملوك بني أبيه ولله الأمر من قبل ومن بعد