@ 112 @ $ ذكر ما اتفق للسلطان المولى سليمان رحمه الله في وسط دولته من الخصب والأمن والسعادة واليمن $ .
كان هذا السلطان رحمه الله موصوفا بالعدل معروفا بالخير مرفوع الذكر عند الخاصة والعامة قد ألقى الله عليه منه المحبة فأحبته القلوب ولهجت به الألسنة لحسن سيرته وطيب سريرته واتفق له في أواسط دولته من السعادة والأمن والعافية ورخاء الأسعار وابتهاج الزمان وتبلج أنوار السعد والإقبال ما جعله الناس تاريخا وتحدثوا به دهرا طويلا حتى صارت أيام السلطان المولى سليمان مثلا في ألسنة العامة ولقد أدركنا الجم الغفير ممن أدرك أواسط دولته فكلهم يثني عليها بملء فيه ويذهب في إطرائها كل مذهب لولا ما كدر آخرها من فتنة البربر التي جرت معها فتنا أخر كما نذكر بعد إن شاء الله .
فمما هيأ الله له من أسباب الخير والسعادة أنه بويع مطلوبا لا طالبا ومرغوبا لا راغبا ثم لما بويع كان ثلاثة من إخوته كلهم يزاحمه في المنصب ثم لم يزل أمرهم يضعف وأمره يقوى إلى أن كفى الجميع من غير ضرب ولاطعن ولا بارز أحدا منهم قط ولا واجهه بسوء ومن ذلك أنه لما دخلت سنة إحدى وعشرين ومائتين وألف وجه السلطان عامله إلى صحراء فجيج وجبى أموالها واسترجع قصر المخزن الذي أغتصبه أهلها من يد العبيد الذين كانوا به أيام السلطان المولى إسماعيل رحمه الله ووجه في السنة المذكورة جيشا مع عامل فاس باعقيل السوسي ومعه جماعة من قواد القبائل إلى ناحية الشرق فنزل العامل مدينة وجدة وجبى تلك القبائل كلها ثم بدا له فنهض إلى عرب الأعشاش وكان ذلك خطأ منه في الرأي إذ كانت لهم شوكة وكان في غنى عن التعرض لهم بما در عليه من الجبايات الوافرة من تلك القبائل لكن الحرص لا يزال بصاحبه حتى يقطع عنقه فلما علموا بقصده إياهم عدلوا عن لقائه إلى المحلة فأغاروا عليه وانتهبوها فرجع أهلها منهزمين