@ 111 @ .
وبين ابن الشريف في وسط المدينة وعظم الخطب واشتد الكرب وقدم الشيخ على السلطان بوفد أهل تلمسان والعرب وهدية ابن الشريف وبيعته وأخبره بأن الناس في شدة من أمر الترك وأنهم قد تطارحوا على بابه وعلقت آمالهم به وراموا الاستظلال بظل عدله فرأى السلطان رحمه الله أن يسلك في حقهم وحق الترك مسلكا هو أرفق بالجميع فبعث القائد أبا السرور عياد بن أبي شفرة الوديي وأمره أن يحجز بين الحضر والترك حتى يقدم الباي إلى تلمسان ورد معه الوفد الذين قدموا مع الشيخ وتقدم إليه في القبض على ابن الشريف إن هو لم يرجع عن الحرب إلى السلم ثم كتب السلطان إلى الباي بما أزال شكه وأبطل وهمه ولما شارف القائد عياد تلمسان فر الشريف إلى منجاته ودخل القائد عياد المدينة فحجز بين الفريقين وقدم الباي إلى تلمسان فأصلح بينه وبين رعيته ومكنه من بلده وانقلب إلى حال سبيله ومع ذلك لم يتم للترك ما أرادوا من أجل القحط الذي كان قد عم حتى عدمت الأقوات وجلا أهل تلمسان عنها إلى بلاد المغرب وكذا عربها وأهل جبالها كلهم جلوا عن أوطانهم حتى لم يبق لباشا الترك مع من يتكلم فضلا عن أن يتأمر فجعل يكتب إلى السلطان ويرغب إليه أن يرد عليه أهل تلمسان وعربها فكلمهم السلطان رحمه الله في الرجوع فأبوا وقالوا نذهب إلى بلاد النصارى ولا نجاور الترك فنجمع علينا الجوع والقتل فرق لهم السلطان وتركهم بل جبرهم بأن صار يعينهم بالعطاء ويتخولهم بالصدقات المرة بعد المرة حتى كان عطاؤه إياهم كالراتب المفروض وعالج داءهم مع الترك إلى أن أخصبت بلادهم ورخصت أسعارهم فتراجعوا حينئذ إلى أوطانهم وكتب السلطان إلى الباي في شأنهم بالعدل وحسن السيرة فامتثل وكف أيدي الكرغلية عنهم ولم يبق منهم بالمغرب إلا من كان عليه دين للترك فلم يقدر على الرجوع لأن أرباب الديون لا يقيمون لهم وزنا ولا يعملون معهم شرعا والله أعلم