@ 65 @ .
فراودوه على الإتيان فامتنع ثم بعث إليه ثانيا فأبى ثم ثالثا فأبى فكتب إليه بالعفو مرارا فلم يقبل وتصدى للخلاف وكشف وجه العصيان وصار يكتب لوالده بما يحفظه هكذا زعم الصياني ولا يخفى أن الرجل كان مناوئا له فلا ينبغي أن نسمع منه جميع ما ينسبه إليه والله أعلم بحقيقة الأمر .
ثم إن السلطان بعث إليه شقيقه المولى مسلمة في عسكر وأمره أن ينزل بقربه ويضيق عليه ويمنعه النزول من الحرم ثم بعث إليه عسكرا آخر مع القائد العباس البخاري فنزلوا بقرب الحرم من الناحية الأخرى وضيقوا عليه حتى منعوه التصوف بكل حال وفي مدة مقامه هنالك أخذ في تأسيس داره وبناء مسجده ولا زالت جدرانها قائمة أسفل الجبل إلى الآن واستمر المولى يزيد محصورا هنالك إلى أن بلغه خبر وفاة أبيه رحمه الله فكان من أمره ما نذكره إن شاء الله $ وفاة أمير المؤمنين سيدي محمد بن عبد الله رحمه الله $ .
لما اعتصم المولى يزيد بضريح الشيخ عبد السلام بن مشيش رضي الله عنه وراوده السلطان على النزول مرارا فأبى نهض إليه من مراكش وأراد أن يحضر عنده بنفسه لعله تسكن نفسه ويذهب ما بصدره من الجزع والنفرة وكان عند خروجه من مراكش به مرض خفيف فتحمل المشقة وجد السير فتزايد به المرض في الطريق فوصل إلى أعمال رباط الفتح في ستة أيام فأدركته منيته رحمه الله وهو في محفته على نحو نصف يوم أو أقل من رباط الفتح فأسرعوا به إلى داره من يومه ذلك وهو يوم الأحد الرابع والعشرون من رجب سنة أربع ومائتين وألف ومن الغد اجتمع الناس لجنازته وانحشروا من كل وجه فجهز ودفن بقبة من قباب داره وتأسف الناس لفقده خاصة وعامة رحمه الله ورضي عنه