@ 66 @ $ بقية أخبار السلطان سيدي محمد ابن عبد الله ومآثره وسيرته $ .
كان السلطان سيدي محمد بن عبد الله رحمه الله محبا للعلماء وأهل الخير مقربا لهم لا يغيبون عن مجلسه في أكثر الأوقات وكان يحضر عنده جماعة من أعلام الوقت وأئمته منهم الفقيه العلامة المشارك أبو عبد الله محمد ابن الإمام سيدي عبد الله الغربي الرباطي والفقيه العلامة المحقق أبو عبد الله سيدي محمد المير السلاوي والفقيه الدراكة أبو عبد الله محمد الكامل الرشيدي والفقيه السيد أبو زيد عبد الرحمن المدعو بأبي خريص هؤلاء هم أهل مجلسه الذين كانوا يسردون له كتب الحديث ويخوضون في معانيها ويؤلفون له ما يستخرجه منها على مقتضى إشارته وكانت له عناية كبيرة بذلك وجلب من بلاد المشرق كتبا نفيسة من كتب الحديث لم تكن بالمغرب مثل مسند الإمام أحمد ومسند أبي حنيفة وغيرهما وألف رحمه الله في الحديث تآليف بإعانة الفقهاء الذين ذكرناهم آنفا منها كتاب مساند الأئمة الأربعة وهو كتاب نفيس في مجلد ضخم التزم فيه أن يخرج من الأحاديث ما اتفق على روايته الأئمة الأربعة أو ثلاثة منهم أو اثنان فإذا انفرد بالحديث إمام واحد أو رواه غيرهم لم يخرجه وهذا المنوال لم يسبق إليه رحمه الله وكان كثيرا ما يجلس بعد صلاة الجمعة في مقصورة الجامع بمراكش مع فقهائها ومن يحضره من علماء فاس وغيرهما للمذاكرة في الحديث الشريف وتفهمه ويحصل له بذلك النشاط التام وكان كثيرا ما يتأسف أثناء ذلك ويقول والله لقد ضيعنا عمرنا في البطالة ويتحسر على ما فاته من قراءة العلم أيام الشباب ولما فاته الاشتغال بفنون العلم في حال الصغر اعتكف أولا على سرد كتب التاريخ وأخبار الناس وأيام العرب ووقائعها إلى أن تملى من ذلك وبلغ فيه الغاية القصوى وكاد يحفظ ما في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني من كلام العرب وشعراء الجاهلية