@ 196 @ فأخذ عن علمائه وقرائه وعاد إلى إفريقية بقراءة نافع بن أبي نعيم وكان الغالب عليهم القراءة بحرف حمزة فشاع حرف نافع من يومئذ في أقطار المغرب بعد أن كان لا يقرأ به إلا الخواص واستمر الحال على ذلك إلى اليوم فهذا حال أهل المغرب في الفروع .
وأما حالهم في الأصول والإعتقادات فبعد أن طهرهم الله تعالى من نزعة الخارجية أولا والرافضية ثانيا أقاموا على مذهب أهل السنة والجماعة مقلدين للجمهور من السلف رضي الله عنهم في الإيمان بالمتشابه وعدم التعرض له بالتأويل مع التنزيه عن الظاهر وهو والله أحسن المذاهب وأسلمها ولله در القائل .
( % عقيدتنا أن ليس مثل صفاته % ولا ذاته شيء عقيدة صائب ) .
( سلم آيات الصفات بأسرها % وأخبارها للظاهر المتقارب ) .
( ونؤيس عنها كنه فهم عقولنا % وتأويلنا فعل اللبيب المراقب ) .
( ونركب للتسليم سفنا فإنها % لتسليم دين المرء خير المراكب ) .
واستمر الحال على ذلك مدة إلى أن ظهر محمد بن تومرت مهدي الموحدين في صدر المائة السادسة فرحل إلى المشرق وأخذ عن علمائه مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري ومتأخري أصحابه من الجزم بعقيدة السلف مع تأويل المتشابه من الكتاب والسنة وتخريجه على ما عرف في كلام العرب من فنون مجازاتها وضروب بلاغاتها مما يوافق عليه النقل والشرع ويسلمه العقل والطبع ثم عاد محمد بن تومرت إلى المغرب ودعا الناس إلى سلوك هذه الطريقة وجزم بتضليل من خالفها بل بتكفيره وسمى أتباعه الموحدين تعريضا بأن من خالف طريقته ليس بموحد وجعل ذلك ذريعة إلى الإنتزاء على ملك المغرب حسبما تقف عليه مفصلا بعد إن شاء