@ 195 @ عبد الرحمن الداخل فلما رجعوا وصفوا من فضل مالك وسعة علمه وجلالة قدره ما عظم به ذكره بالأندلس فانتشر يومئذ علمه ورأيه بها .
وكان رائد الجماعة في ذلك هو شبطون كما قلنا وهو أول من أدخل كتاب الموطأ المغرب أتى به مكملا متقنا فأخذه عنه يحيى بن يحيى الليثي ثم دخل بعد ذلك إلى مالك فقرأه عليه وعاد إلى الأندلس فتمم ما كان قد بقي من شهرة المذهب المالكي .
قال ابن حزم مذهبان انتشرا في بدء أمرهما بالرئاسة والسلطان مذهب أبي حنيفة فإنه لما ولى الرشيد أبا يوسف خطة القضاء كانت القضاة من قبله من أقصى المشرق إلى أقصى عمل إفريقية ومذهب مالك عندنا بالأندلس فإن يحيى بن يحيى كان مكينا عند السلطان مقبول القول في القضاة وكان لا يلي قاض في أقطار الأندلس إلا بمشورته واختياره ولا يشير إلا بأصحابه ومن كان على مذهبه والناس سراع إلى الدنيا فأقبلوا على ما يرجون به بلوغ أغراضهم على أن يحيى لم يل قضاء قط ولا أجاب إليه وكان ذلك زائدا في جلالته عندهم وداعيا إلى قبول رأيه لديهم اه .
ورأيت في بعض التآليف في سبب ظهور مذهب مالك بالأندلس والمغرب أن حاج المغرب والأندلس قدموا على مالك رضي الله عنه بالمدينة فسألهم عن سيرة عبد الرحمن بن معاوية المعروف بالداخل فقيل له إنه يأكل الشعير ويلبس الصوف ويجاهد في سبيل الله فقال مالك ليت الله زين حرمنا بمثله فنقم عليه بنو العباس هذه المقالة وكان ذلك سبب توصلهم إلى ضربه في مسألة الإكراه كما هو مشهور وبلغت مقالته صاحب الأندلس فسر بها وجمع الناس على مذهبه فانتشر في أقطار المغرب من يومئذ والله أعلم .
ومما يناسب هنا ما نقله المؤرخون أن أبا عبد الله محمد بن خيرون الأندلسي الأصل القيرواني الدار رحل إلى المشرق في صدر المائة الرابعة