@ 58 @ .
مكة الشريف سرور وأخبروه الخبر فبعث أعوانه إلى المولى يزيد فحضر عنده وألزمه رد المال وتهدده فرد البعض وجحد البعض فبسبب هذا فيما قيل غضب السلطان عليه وتبرأ منه وكتب بالبراءة منه مناشير بعث بها إلى الآفاق فعلق أحدها بالكعبة والآخر بالحجرة النبوية والثالث ببيت المقدس والرابع بضريح الحسين بمصر والخامس بضريح المولى علي الشريف بتافيلالت والسادس بضريح المولى إدريس بزرهون والسابع بضريح المولى إدريس بفاس وكتب إلى السلطان عبد الحميد بأن لا يقبله إذا أوى إليه واستمر المولى يزيد مقيما بالمشرق ولم يقدر أن يواجه أباه لسوء صنيعه إلى سنة ثلاث ومائتين وألف كما سيأتي إن شاء الله .
وفي هذه السنة أعني سنة تسع وتسعين ومائة وألف أسر أهل الجزائر نصرانية من قرابة طاغية الإصبنيول كانت متوجهة في مركبها من أصبانيا إلى نابل لزيارة ابن عمها الذي هو صاحب نابل فلما عرف أهل الجزائر محلها من قومها امتنعوا من فدائها بكل وجه فكتب طاغية الإصبنيول إلى السلطان رحمه الله يسأله أن يشفع له في فدائها بكل ما يطلبون فأسعفه وكتب لصاحب الجزائر في شأنها فاعتذر إليه بأن النصرانية في سهم العسكر ولا يمكنه إكراههم على فدائها فلما رد صاحب الجزائر شفاعة السلطان كتب إلى السلطان عبد الحميد بذلك فكتب عبد الحميد رحمه الله إلى أهل الجزائر يوبخهم على رد شفاعة السلطان ويقول لهم إن الواجب أن تسرحوها له بدون مال وما عسى أن يبلغ ثمن هذه النصرانية ولو طلب مني سلطان المغرب ألف نصرانية لبعثتها إليه وحتى الآن نأمركم أن تبعثوا إليه بهذه النصرانية ولو كانت هي الملكة ولا تقبضوا فيها فداء أو ما رأيتم ما افتكه ملك المغرب من أسرى الترك من كل جنس حتى لم يبق في أسر الكفار مسلم وأنتم تردون شفاعته في نصرانية لا بال لها فلا تعودوا لمثل هذا فيكون سببا لتغير باطننا عليكم والسلام