@ 59 @ .
ولما ورد عليهم فرمان السلطان عبد الحميد لم يسعهم إلا إرسال النصرانية إلى حضرة السلطان رحمه الله وكتبوا إليه بالاعتذار وقالوا إنما امتنعنا من فدائها خوف بلوغ خبرها إلى ملكنا فلم نر أن نفتأت عليه وذلك هو الواجب علينا من طريق الخدمة والطاعة فنحب من سيدنا أن يقبل عذرنا ولا يظن بنا خلاف هذا والسلام $ ذكر ما كان من السلطان سيدي محمد بن عبد الله إلى أهل زاوية أبي الجعد حماها الله $ .
هذه الزاوية من أشهر زوايا المغرب ولها الفضل الذي يفصح عنه لسان الكون ويعرب تداولها منذ أزمان فحول أكابر ورثوا مقام الولاية والرياسة بها كابرا عن كابر قد عرف لهم ذلك السوقة والملوك والغني والصعلوك ولم تزل الملوك من هذه الدولة وغيرها تعاملهم بالإجلال والإعظام والتوقير والاحترام .
ولما كانت دولة السلطان الجليل الماجد الأصيل نقم على كبيرها لوقته المرابط البركة أبي عبد الله سيدي محمد العربي بن الشيخ الأكبر سيدي المعطي بن الصالح بعض ما ينقمه الأمير على المأمور والإنسان غير معصوم والمخلوق ناقص إلا من أكمله الله فاتفق أن كان السلطان رحمه الله قافلا في هذه السنة من رباط الفتح إلى مراكش فجعل طريقه على تادلا ونزل على زاوية أبي الجعد فأمر على ما قيل بهدمها وطرد الغرباء الملتفين على آل الشيخ بها ثم نقل سيدي العربي المذكور وعشيرته إلى مراكش فأسكنهم بها واستمروا على ذلك إلى أن توفي السلطان سيدي محمد رحمه الله وبويع ابنه المولى هشام بن محمد بمراكش فأذن لهم في الذهاب إلى بلادهم فعادوا إلى زاويتهم واطمأنوا