@ 55 @ .
المسمى بأفراك وفي وسط تلك القباب القبة العظمى التي أهداها إليه طاغية الفرنج وكانت مبطنة بالديباج ومحاريبها من الموبر الحر المختلف الألوان وسفائفها من الكالون والإبريز وأطنابها من الحرير الصافي زعموا أن مبلغ ما صير عليها الطاغية نحو خمسة وعشرين ألف دينار ومصداق ذلك أن تفاحتها التي تكون في أعلى العامود وتسميها العامة بالجمور كانت من الذهب الخالص وزنها أربعة ألاف مثقال ذهبا وكان السلطان رحمه الله قد أخرجها في هذه النوبة ابتهاجا بها وخرج معه الخاصة من القواد والكتاب وغيرهم بفازاتهم الرفيعة ومضاربهم البديعة .
ثم توجه في ذلك الموكب العجيب يرتاد البلاد النزهة والأماكن البهجة التي تروق الطرف وتستغرق الوصف وتبسط النفس وتجلب الأنس فأقام شهرين كاملين يتقلب في تلك البسائط ويستوفي اللذات ويتقرى المعاهد ويقتنص الطائر والشارد إلى أن وصل إلى ثغر الصويرة فوقف عليه وقضى غرضه منه على الوجه الأكمل وانقلب راجعا إلى حضرته فاجتاز في طريقه برباط شاكر وهو من مزارات المغرب المشهورة وكان مجمعا للصالحين من قديم الزمان ووقع في التشوف أن شاكرا الذي ينسب إليه هذا الرباط من أصحاب عقبة بن نافع الفهري فاتح المغرب وأنه هنالك فلما مر به السلطان سيدي محمد بن عبد الله رحمه الله في سفرته هذه أمر بتجديد مسجده وحفر أساسه وتشييده وفي قفوله طلع مع وادي نفيس إلى أن بلغ مدينة أغمات فزار ضريخ الشيخ أبي عبد الله الهزميري وغيره من صلحائها ونزل بمحلته تحت القرية ولما استقر به المنزل جاءه جماعة من أهلها مع قاضيهم بكبش جيد وآنية فيها شيء من الشهد فدخل القاضي على السلطان ولما مثل أمامه أنسه السلطان بالكلام وسأله عن أشياخه فأجاب بما لا طائل تحته فقال السلطان للحاجب ابعث بالقاضي إلى خباء القاضي أبي زيد