@ 194 @ أهل الحجاز فقال ابن خلكان في ترجمة المعز بن باديس الصنهاجي المتوفى في أواسط المائة الخامسة ما نصه كان مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه بإفريقية أظهر المذاهب فحمل المعز المذكور جميع أهل المغرب على التمسك بمذهب الإمام مالك رضي الله عنه وحسم مادة الخلاف في المذاهب واستمر الحال من ذلك الوقت إلى الآن اه .
قلت كان المعز هذا وأسلافه من صنهاجة بإفريقية على مذهب الرافضة من الشيعة أخذوه عن خلفائهم العبيديين أيام استيلائهم على المغرب في صدر المائة الرابعة وحملوا الناس عليه وامتحنوهم وطارت بدعتهم في أقطار المغرب كله فلما أفضى الأمر إلى المعز بن باديس المذكور قطع دعوة الشيعة من إفريقية ودعا لبني العباس وحمل الناس على التمسك بمذهب مالك عالم المدينة وإمام دار الهجرة .
هذا والمعروف أن مذهب مالك ظهر أولا بالأندلس ثم انتقل منها إلى المغرب الأقصى أيام الأدارسة وكذا ظهر بإفريقية ظهورا بينا قبل وجود المغرب بكثير بل قبل استيلاء صنهاجة والعبيديين على المغرب وذلك على يد أسد بن الفرات وعبد السلام بن سعيد التنوخي المعروف بسحنون وغيرهما من أئمة المغاربة ثم لما ظهرت دولة الشيعة بإفريقية حاولوا محوه فلم يتيسر لهم ذلك وكان فقهاء المالكية في ذلك العصر معهم في محنة عظيمة منهم ابن أبي زيد والقابسي وأبو عمران الفاسي وطبقتهم ولم يزل الأمر على ذلك إلى أن نصره المعز المذكور جزاه الله خيرا قالوا وكان ظهوره بالأندلس على يد الفقيه زياد بن عبد الرحمن المعروف بشبطون فهو أول من أدخله الأندلس وكانوا قبل ذلك يتفقهون على مذهب الأوزاعي إمام أهل الشام لمكان الدولة الأموية منه فلما ظهر مالك رضي الله عنه بالمدينة وعظم صيته وانتشرت فتاويه بأقطار الأرض رحل إليه جماعة من أهل الأندلس والمغرب كان من أمثلهم وأسبقهم شبطون المذكور وقرعوس بن العباس وعيسى بن دينار وسيعد بن ابي هند وغيرهم أيام هشام بن