@ 47 @ .
ثم إن العبيد الذين بطنجة وثبوا على قائدهم القائد الشيخ وعلى قائد أهل الريف محمد بن عبد الملك وأرادوا قتلهما فهربا لآصيلا والسلطان يومئذ لا زال بمكناسة ولما أنهى إليه خبرهم كتب إلى أعيانهم يتوعدهم فقبضوا على أصحاب الفعلة وبعثوا بهم إليه وتبرؤوا منهم فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف فاستكانوا بعض الشيء ورجع القائدان إلى طنجة ثم لما سافر السلطان إلى مراكش أخذ معه عبيد مكناسة فأنزل أهل القصبة منهم بالمنصورية قرب وادي النفيفيخ لأنهم كانوا رأس العصاة واستصحب الباقين إلى مراكش فأنزلهم بها بعد أن عزل عنهم قوادهم الذين حضروا فعلة المولى يزيد وأبقاهم عاطلين مهملين وولى عليهم أناسا من غيرهم $ ذكر ما سلكه السلطان سيدي محمد بن عبد الله في حق العبيد من التأديب الغريب $ .
ثم إن العبيد الذين بالثغور عاثوا بها وأضروا بأهلها في جناتهم وأموالهم وأعراضهم فأنهى خبرهم إلى السلطان أيضا ولما أعياه أمرهم ورأى أن تأديبهم بالتفرقة لم يفد فيهم انتقل رحمه الله معهم إلى مرتبة أخرى من التأديب لم يسبق إليها كانت ترياقا لقطع دائهم ونارا لحسم عرق بلائهم وذلك أنه لما بلغه ما هم عليه من الجور والطغيان نهض من مراكش عازما على الإيقاع بهم فلما وصل إلى رباط الفتح كتب إلى أهل طنجة والعرائش منهم يقول إني قد رضيت عنكم وبررت قسمي في نقلكم من مكناسة إلى الثغور والآن إذا وصلتكم الإبل والبغال التي أبعثها إليكم فلتحمل أهل طنجة بأولادهم ومتاعهم وليقدموا إلى دار عربي من بلاد سفيان فلينزلوا بها ثم يبعثوا الإبل والبغال إلى أهل العرائش ليتحملوا بأولادهم ومتاعهم إلى دار عربي كذلك فإذا اجتمعتم أنتم وهم بها فإني أبعث إليكم بغالي تتحملون عليها إلى مكناسة كلكم فلما وصل إليهم كتاب السلطان بذلك طاروا فرحا وأحبوا الرجوع إلى مكناسة .
ولما وردت عليهم الإبل والبغال ارتحلوا من طنجة وفي أثناء ذلك