@ 40 @ $ حصار السلطان سيدي محمد بن عبد الله مدينة مليلية من ثغور الإصبنيول $ .
لما كانت أواخر سنة أربع وثمانين ومائة وألف غزا السلطان سيدي محمد بن عبد الله مدينة مليلية وفيها نصارى الإصبنيول فأحاطت عساكره بها ونصب عليها المدافع والمهاريس وشرع في رميها أول يوم من المحرم سنة خمس وثمانين ومائة وألف واستمر على ذلك أياما فكتب إليه طاغية الإصبنيول يعاتبه على حصارها ويذكره المهادنة والصلح الذي انعقد بينه وبينه ويقول له هذا خط كاتبك الغزال الذي كان واسطة بيني وبينك في عقد الصلح لا زال تحت يدي فأجابه السلطان رحمه الله بأن قال إنما عقدت معك المهادنة في البحر فأما المدن التي في إيالتنا فلا مهادنة فيها ولو كانت فيها مهادنة لخرجتم إلينا ودخلنا إليكم فكيف ادعاء المهادنة مع هذه المداهنة فبعث إليه الطاغية عقد الصلح بعينه فإذا هو عام في البر والبحر فكف عن حربها وأفرج عنها وترك هنالك جميع آلات الحرب من مدافع ومهاريس وكراريص وبنب وكور وبارود وشرط على الطاغية حملها في البحر وردها إلى الثغور التي جلبت منها لما في جرها في البر من المشقة على المسلمين فأنعم بذلك وبعث مراكبه فحملت بعضها إلى تطاوين وبعضها إلى الصويرة وذلك محلها الذي سيقت منه وكان ذلك سبب تأخيره الغزال عن كتابته وبقي عاطلا إلى أن كف بصره ومات رحمه الله .
وسمعت من بعض فقهاء العصر وقد جرت المذاكرة في كيفية هذا الصلح فقال إن الغزال رحمه الله لما أعطى خط يده بالصلح والمهادنة كتب في الصك ما صورته وإن المهادنة بيننا وبينكم بحرا لا برا فلما حاز النصارى خط يده كشطوا لام الألف وجعلوا مكنانها واوا فصار الكلام هكذا بحرا وبرا وأن السلطان رحمه الله إنما أخره لاختصاره الكلام وإجحافه به حتى سهل على النصارى تحريفه وكان من حقه أن يأتي بعبارة مطولة مفصلة