@ 39 @ .
أعاد إليهم الكتابة ثالثا وحضهم على فكاك أسرى المسلمين ووعظهم وخوفهم عقاب الله ورغبهم في ثوابه فأذعنوا وامتثلوا وطلبوا منه أن يبعث إليهم رجلا من خاصته يقف على المفاداة بنفسه ويدفعون إليه أسراهم في يده ويتسلم مثل عددهم من إخوانهم فلما ورد على السلطان كتاب أهل الجزائر بالامتثال كتب إلى الطاغية يأمره أن يبعث بما عنده من أسرى المسلمين في مركب إلى الجزائر وينتظر هنالك الباشدور الذي يوجهه من قبله حتى تكون المفاداة على يده وبعث السلطان لهذا الغرض كاتبه أبا العباس الغزال وصاحبيه وعند وصولهم إلى الجزائر أرسى مركب الإصبنيول بظاهر مرساها وأنزل من أسرى المسلمين ألفا وستمائة ونيفا فأخرج أهل الجزائر من أسرى النصارى مثلهم ألفا وستمائة ونيفا أيضا وبقيت عندهم من أسرى النصارى فضله ففداها الإصبنيول بالمال وانفصلوا ورجع الباشدور ومن معه إلى حضرة السلطان وكتب الله أجر ذلك في صحيفته .
ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين ومائة وألف فيها غزا السلطان قبائل تادلا لإفسادهم ومحاربة بعضهم بعضا فنهب أموالهم وشردهم في كل وجه وولى عليهم القائد صالح بن الرضي الورديغي فاستصفى أموالهم وأفقرهم حتى لم يقدروا على الانتقال من محل إلى آخر من قلة الظهر .
ثم دخلت سنة أربع وثمانين ومائة وألف فيها غزا السلطان برابرة جروان لما ظهر منهم من الفساد وإغرائهم ابنه المولى يزيد بالانتزاء على الملك واجتماعهم على محمد وناصر المعروف بمهاوش رأس الفتنة وتباريهم في خدمته فقدم من مراكش وطرقهم وادي كريكرة فأوقع بهم ونهب أموالهم وقتل منهم نحو الخمسمائة وتركهم عالة يتكففون الناس بمكناسة وفاس ثم نقلهم إلى بسيط آزغار وأنزلهم وسط العرب فانحسمت مادة فسادهم