@ 118 @ .
الأموال وبيده دفتر الدخل والخرج عارفا بقدر مما يدفعه العمال كل سنة فلما أتى عليهم القتل رحمهم الله خف على الرعية ما كانوا يحملونه من ثقل وطأتهم واستراحوا ممن كان يحول بينهم وبين الفساد وبزجرهم عن القبيح خصوصا البربر فإنهم كانوا في أقماع النحاس فخرجوا منها بمهلك علي بن يشي وأخذوا في اشتراء الخيل واقتناء السلاح وعادت هيف إلى أديانها وتبعهم على ذلك غيرهم من قبائل العرب فكأنما كانوا على ميعاد وامتدت أيدي النهب في الطرقات وكثرت الشكايات بباب السلطان فما وجدت الناس من يشكيهم هذا حال مكناسة وأعمالها فأما فاس فقد كفى الودايا أمرها ونابوا عن البربر في العيث بأطرافها وعظم الخطب واشتد الأمر .
ثم دخلت سنة أربعين ومائة وألف ففي المحرم منها أغار الودايا على سوق الخميس من فاس فنهبوا وقتلوا وقبضوا على طائفة من أهل فاس فأودعوهم السجن بفاس الجديد فبعث أهل فاس جماعة من أشرافهم إلى السلطان بمكناسة يشكون إليه ما نالهم من جور الودايا فلما وصلوا إليها وثب عليهم محمد بن علي بن يشي قبل أن يجتمعوا بالسلطان فسجنهم أيضا فلما اتصل بأهل فاس ما جرى على إخوانهم بمكناسة أخذهم ما قدم وما حدث فأغلقوا عليهم أبواب مدينتهم وشمروا لحرب الودايا فكتب الودايا إلى السلطان يعلمونه بأن أهل فاس قد شقوا العصا وخرجوا عن الطاعة فسرب السلطان إليهم العساكر بكل صارم وذابل وتفاقم الأمر واختلط الحابل بالنابل وركبت المدافع والمهاريس والمجانيق لحصار فاس واستمر القتال إلى أن بعث السلطان أخاه المولى المستضيء في جماعة من أشراف مكناسة ومعهم أشراف فاس الذين سجنهم محمد بن علي بن يشي لتلافي الأمر وعقد الصلح بين الودايا وأهل فاس فانعقد الصلح ونهض عسكر السلطان إلى مكناسة فما ساروا يوما أو يومين حتى انتقض ذلك الصلح وغدا الودايا على حصار فاس ورميها بالكور والبنب واستمر الحال على ذلك إلى أن قدم من