@ 91 @ .
ونهب ولما اتصل خبره بالسلطان بعث ولده المولى زيدان في العساكر لقتاله فقدم مراكش فصادف المولى محمدا قد خرج عنها وعاد إلى تارودانت ولما احتل المولى زيدان بمراكش عاثت عساكره فيها ثم تبع أخاه المولى محمدا العالم إلى السوس فنزل على تارودانت واتصلت الحرب بينهما إلى أن دخلت سنة خمس عشرة ومائة وألف وفيها قدم المولى حفيد حضرة فاس الجديد ووظف على أهل فاس مغرما ثقيلا وجاء الزعيم واليا عليها ثم عزل وولى مكانه أبو علي الروسي فقتل أناسا وصلبهم وفي متم شوال من السنة المذكورة مات المولى حفيد بفاس الجديد هذا كله والحرب قائمة بين المولى زيدان والمولى محمد العالم .
ثم دخلت سنة ست عشرة ومائة وألف ففي ثالث صفر منها ورد أمر السلطان على فاس بأن تعطى كل عتبة عظم سرج ولا يحرر من ذلك أحد كائنا من كان .
وفي الحادي والعشرين من صفر المذكور ورد الخبر باستيلاء المولى زيدان على تارودانت وقبضه على أخيه المولى محمد العالم بعد محاربته له ثلاث سنين هلك فيها أمم وقواد ورؤساء وأعيان يطول ذكرهم ولما دخلها المولى زيدان عنوة قتل جميع من بها حتى النساء والصبيان هكذا في البستان وفي رابع ربيع الأول من السنة وصل المولى محمد العالم مقبوضا عليه إلى وادي بهت فبعث السلطان من قطع يده ورجله من خلاف بعقبة بهت ولما وصل إلى مكناسة خامس عشر الشهر المذكور هلك رحمه الله .
قال أبو عبد الله أكنسوس لما توفي المولى محمد العالم صلى عليه القاضي أبو عبد الله محمد العربي بردلة فنقم عليه ذلك بعض الحسدة وأوغر قلب السلطان عليه وقال له إنه يبغضك ولولا شدة بغضه لك ما نازع إلى الصلاة على عدوك الذي ثار عليك ورام نزع الملك من يدك فكتب السلطان إلى القاضي بردلة يتهدده ويوبخه فأجابه القاضي بأن صلاته نظيرة صلاة الحسن البصري على الحجاج بن يوسف فلما ليم على ذلك قال استحييت من الله تعالى أن أستعظم ذنب الحجاج في جنب كرم الله الغفور الرحيم