@ 19 @ $ استيلاء المولى محمد بن الشريف على فاس ثم رجوعه عنها $ .
كان محمد الحاج الدلائي مستوليا على فاس بعد سيدي محمد العياشي كما قلنا وكان أهل فاس يمرضون في طاعته تارة ويستقيمون أخرى فولى عليهم قائده أبا بكر الثاملي وأنزله بدار الإمارة من فاس الجديد فاتفق أن وقعت بينه وبين أهل فاس القديم حرب فحاصرهم وقطع عنهم الماء فكتب أهل فاس إلى المولى محمد بن الشريف يستصرخونه ويضمنون له الطاعة والنصرة بما شاء من عدد وعدة متى قدم عليهم واحتل بين أظهرهم ووافقهم على ذلك عرب الغرب من الخلط وغيرهم فاغتنمها المولى محمد منهم وأقبل مسرعا حتى اقتحم دار الإمارة بفاس الجديد منسلخ جمادي الثانية سنة ستين وألف وقبض على أبي بكر الثاملي فسجنه وبايعه أهل البلدين فاس القديم وفاس الجديد معا واتفقوا على نصرته والقيام بأمره وكتبت له البيعة بفاس سابع رجب فأقام عندهم نحو أربعين يوما .
واتصل الخبر بمحمد الحاج فجهز إليه جيشا كثيفا فبرز إليهم المولى محمد ودافعهم يوما أو بعض يوم فضعف عنهم وانهزم بظهرالرمكة خارج فاس يوم الثلاثاء عاشر شعبان سنة تسع وخمسين وألف فأسلم فاسا وانكفأ راجعا إلى سجلماسة ودخل أهل فاس الذين كانوا معه مدينتهم فأغلقوها عليهم .
وحاصرهم الثاملي وأصحابه وقطع عنهم الماء وجرت خطوب هلك فيها جماعة من أعيان فاس منهم عبد الكريم اللايريني الأندلسي ومحمد بن سليمان وغيرهما وكان ذلك أواخر صفر سنة إحدى وستين وألف ثم راجعوا طاعة أهل الدلاء فولى عليهم الحاج ولده أحمد ولما استقر بفاس طالب أهلها بإخراج الجناة ورؤوس الفتنة من ضريح المولى إدريس رضي الله عنه فتعصب لهم الشريف أبو الحسن علي بن إدريس الجوطي وقام دونهم ثم عجز واختفى حتى أخرج بالأمان إلى زاوية أهل المخفية