@ 45 @ على بعض ما أورد الناس في الخارج أما ما بنوا عليه فرضه في صدر الإسلام والدول العظام فلا نطيل بذكره لشهرته وأما في المغرب خصوصا فأول من فرضه عبد المؤمن بن علي وجعله على أقطاع الأرض بناء على أن المغرب فتح عنوة وإليه ذهب بعض العلماء ومنهم من يقول إن السهل فتح عنوة والجبل فتح صلحا فإذا تقرر هذا وعلمت أن أهل ذلك العصر قد بادوا واندثروا وبقي السهل كله إرثا لبيت المال تعين أن يكون الخراج فيه على ما يرضي صاحب الأرض وهو السلطان والجبل تتعذر معرفة ما كان الصلح عليه ولا سبيل إلى الوقوف عليه فيرجع فيه إلى الاجتهاد وقد اجتهد سلفنا الكرام رضوان الله عليهم في فرضه لأول الدولة الشريفة على حسب وفق أئمة السنة ومشايخ أهل العلم والدين في ذلك العهد فجرى الأمر على السنن القويم إلى أن هبت عواصف الفتنة لأيام ابن عمنا صاحب الجبل وإدالة مولانا الإمام وصنوه المرحوم على حواضر المغرب وسهله عند الزحف بالأتراك وامتدت به الفتنة في الجبل إلى أن هلك مع النصارى في الغزوة الشهيرة وجاء الله من مولانا المقدس بالجبل العاصم للإسلام من طوفان الأهوال فقدر رضي الله عنه الأشياء حق قدرها ورأى أن المغرب غب تلك الفتن قد فغر فمه لالتهامه عدوان عظيمان الترك وعدو الدين الطاغية فاضطر رحمه الله إلى الاستكثار من الأجناد لمقاومة العدو والذب عن الدين وحماية ثغور الإسلام فدعا تضاعف الأجناد إلى تضاعف العطاء وتضاعف العطاء إلى تضاعف الخراج وتضاعف الخراج إلى الإجحاف بالرعية والإجحاف بالرعية أمر يستنكف رضي الله عنه من ارتكابه ولا يرضاه في سيرة عدله طول أيامه فلم يمكن له حينئذ إلا أن أمعن النظر رحمه الله في أصل الخراج فوجد بين السعر الذي بنى عليه في قيمة الزرع والسمن والكبش الذي تعطيه الرعية منذ زمن الفرض وبين سعر الوقت أضعافا فحينئذ تحرى رحمه الله العدل فخير الرعية بين دفع كل شيء بوجهه ودفع ما يساويه بسعر الوقت فاختاروا السعر مخافة أن يطلع إلى ما هو أكثر