@ 189 @ بخط يده على طريقة أهل المشرق لكاتبه أبي عبد الله بن عيسى يستدعي منه كتابا فبعثه ابن عيسى إليه وبعث معه بهذين البيتين .
( سقتني كؤس السرور دهاقا % خطوط أتتني في مهرق ) .
( رأت كف أحمد في الغرب بحرا % فجاءت إليه من المشرق ) .
وكان المنصور على ما هو عليه من ضخامة الملك وسعة الخراج يوظف على الرعية أموالا طائلة يلزمهم بأدائها وزاد الأمر على ما كان عليه في عهد أبيه حسبما مر وكانت الرعية تشتكي ذلك منه ونالها إجحاف منه ومن عماله وكان غير متوقف في الدماء ولا هياب للوقيعة فيها قال اليفرني وتتبع ما وقع في ذلك يناقض المقصود من الإغضاء عن العورات والستر على الفضائح وقد ألمعنا لك بما يكون دالا على ما وراءه وذكر أن بعض عمال المنصور عدا على امرأة من دكالة فأخذ منها أموالا فقدمت المرأة على المنصور بمراكش تشكو له ما نالها من عامله فلم يشكها ولا كشف ظلامتها فخرجت إلى أولادها بالباب وقالت لهم انصرفوا فإني كنت أظن أن رأس العين صافية فإذا بها مكدرة فلذا تكدرت مصارفها .
ويحكى أن الفقيه القاضي أبا مالك عبد الواحد الحميدي قد سافر في جمع من فقهاء فاس وأعيانها إلى مراكش بقصد العيد مع المنصور كما هي العادة فمروا في طريقهم على جماعة رجال ونساء قد سلكوا في سلسلة واحدة وفيهم امرأة أخذها الطلق وهي في كرب المخاض فرأوا من ذلك ما أهمهم وأحزنهم فبقي ذلك في نفس القاضي فلما جلس إلى المنصور ذكره له وأظهر الشكاية منه فسكت المنصور عن جوابه وهجره على ذلك أياما ثم إن القاضي تلطف في القول وأظهر التوبة مما صدر منه وعدها بادرة فقال له المنصور لولا ما رأيت ما أمكنك أن تجيء مع أصحابك مسيرة عشرة أيام في أمن ودعة فإن أهل المغرب مجانين مارستانهم هي السلاسل والأغلال .
ولقد وفد القاضي المذكور على المنصور في بعض المواسم مع الفقهاء فلما انصرفوا من الحضرة جمعتهم الطريق بأرباب الموسيقى وأصحاب