@ 188 @ $ بقية أخبار المنصور وبعض سيرته $ .
كان المنصور رحمه الله حسن السياسة حازما يقظا مشاورا في مهمات الأمور وكان قد اتخذ يوم الأربعاء للمشورة وسماه يوم الديوان تجتمع فيه وجوه الدولة ويتطارحون فيه وجوه الرأي فيما ينوب من جلائل الأمور وعظيم النوازل وهنالك يظهر شكايته من لم يجد سبيلا للوصول إلى السلطان قالوا ومن حزمه انه كان متطلعا لأخبار النواحي بحاثا عنها غير متراخ في قراءة ما يرد عليه من رسائل عماله ولا يبطئ بالجواب ويقول كل شيء يقبل التأخير إلا مجاوبة العمال عن رسائلهم وكان الكتاب لا يفارقون مراكزهم إلا في أوقات مخصوصة .
قال الفشتالي ولقد كنا بالباب يوما يعني معشر الكتاب قبل أن يخرج المنصور فورد النذير على الكاتب أبي عبد الله محمد بن علي الفشتالي بأن ولدا له في النزع فلم يملك نفسه أن ذهب إلى داره فخرج المنصور على أثره فسأل عنه فقيل إنه ذهب إلى داره فاستشاط غضبا وبعث إليه فجيء به مزعجا وما شككنا في عقوبته فلما مثل بين يديه قال له ما الذي ذهب بك فذكر له أمر ولده وأنه اشتد به المرض ولم ينجع فيه دواء طبيب فرق له وقال إن أمراض الصبيان قلما ينجع فيها إلا طب العجائز ولا كعجائز دارنا فابعث من يسألهن .
ومن حزمه أنه اخترع أشكالا من الخط على عدد حروف المعجم وكان يكتب بها فيما يريد أن لا يطلع عليه أحد يمزج فيها الخط المتعارف فيصير الكتاب مغلقا فإذا سقط ووقع في يد عدو أو غيره لا يدري ما فيه ولا يعرف معنى ما اشتمل عليه فكان إذا جهز أحد أولاده ناوله خطا من تلك الخطوط يفك بها رسائله إليه ويكتب عنوانه كذلك .
ومن ضبطه أنه تعلم الخط المشرقي فكان يكاتب به علماء المشرق كتابة كأحسن ما يوجد في خط المشارقة ومما وقع له في ذلك أنه بعث بطاقة