@ 183 @ عائد عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ونسلم على ولدنا الأعز الأرضى بابا عبد الملك وعلى ابنتنا الرضية سيدة الملك ونحن في غاية الاشتياق والتوحش لها جمع الله بكم الشمل جميعا آمين بحرمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله خير آل والسلام اه .
قال مؤلفه عفا الله عنه قد وقع في كلام المنصور رحمه الله أمران يحتاجان إلى التنبيه عليهما الأول إذنه لولده أبي فارس في الخروج من مراكش إذا ظهر بها أثر الوباء ولو شيئا يسيرا وهذا الأمر محظور في الشرع كما هو معلوم ومصرح به في الأحاديث والثاني أمره إياه أن لا يقرأ البطائق الواردة عليه من السوس وإنما يتولى قراءتها كاتبه بعد أن تغمس في الحل وهذا عمل من أعمال الفرنج ومن يسلك طريقهم في تحفظهم من الوباء المسمى عندهم بالكرنتينة وقد اتفق لي فيها كلام أذكره هنا تتميما للفائدة وذلك أنه لما كانت سنة ست وتسعين ومائتين وألف عرض لنا سفر إلى حضرة السلطان المولى أبي علي الحسن بن محمد الشريف أيده الله عز وجل بمراكش المحروسة بالله فخرجنا من سلا أواخر ربيع الأول من السنة المذكورة ومررنا في طريقنا على المحب القائد الأنبل أبي عبد الله محمد بن إدريس الجراري بثغر الجديدة وهو يومئذ متول لعملها فأجل قدومنا على عادته حفظه الله في محبة العلم ومن ينتمي إليه وحضر معنا عنده بعض فقهاء الوقت وكانت السنة سنة وباء فجرت المذاكرة فيما يستعمله النصارى في أمر الكرنتينة من حبس المسافرين وشذاذ الآفاق عن المرور بالسبل والدخول إلى الأمصار والقرى ومنع الناس من مرافقهم وأسباب معاشهم وحصل التوقف تلك الساعة في حكمها الشرعي ماذا يكون لو أجريت على قواعد الفقه ثم بعد ذلك بنحو ثلاثة أشهر وقفت على رحلة العلامة الشيخ رفاعة الطهطاوي المصري في أخبار باريز فرأيته ذكر في صدرها أنه وقعت المحاورة بين العلامة الشيخ أبي عبد الله محمد المناعي التونسي المالكي المدرس بجامع الزيتونة ومفتي الحنفية بها العلامة الشيخ أبي عبد الله محمد البيرم في إباحة الكرنتينة وحظرها فقال المالكي بحرمتها وألف في ذلك