@ 178 @ صلحت حالته وتاب مما كان عازما عليه وأنه ندم على ما فرط منه فقال لهم اذهبوا إلى مكناسة واختبروا أمره كافيا وانظروا هل رجع عن أباطيله وتنصل من أضاليله فلما أتوه وجدوه أخبث مما تركوه وعاينوا منه من القبائح ما يقصر عن وصفه اللسان فلما جلسوا إليه في محبسه لم يسألهم إلا عن أصحاب بطانته وقرناء السوء من أهل غيه ولم يظهر الأسف إلا على تلك العصابة ورآهم أهل الإصابة .
وكان من الأعيان الذين وجههم المنصور أولا وآخرا أولاد الشيخ أبي عمرو القسطلي وأولاد الشيخ أبي محمد عبد الله بن ساسي وأولاد الشيخ أبي زكرياء يحيى بن بكار وغيرهم فلما رجعوا إلى المنصور من مكناسة سألهم عن الخبر فنافق بعضهم وقال وجدناه تائبا نادما على ما صدر منه وتكلم بعض أولا د الشيخ ابن ساسي فقال لا والله لا داهنت في حق الله ولا واجهت الأمير بالخديعة إن ولدك لا نأذن لك أن تؤمره على اثنين ولا تحكمه على عيال الله فإنا وجدناه خبيث الطوية قبيح السريرة لم يندم على ما فرط منه فسكت الحاضرون ولم يتكلم أحد فقال لهم المنصور افتوني في أمر هذا الولد فلم يجبه أحد إلا باشاه عبد العزيز بن سعيد الوزكيتي فإنه قال له الرأي أن تقتله فإنه لا ينجبر أمره ولا يرجى صلاحه وقد رأيت ما صنع فلم يعجب المنصور ذلك وقال كيف أقتل ولدي ثم بعث إلى مكناسة يأمر بالتضييق على الشيخ والزيادة عليه في ذلك ثم خرج المنصور فنزل بمحلته في ظهر الزاوية قاصدا مراكش بعد أن استخلف ابنه زيدان على فاس وأعمالها وقد كان كتب إلى ولده أبي فارس خليفته على مراكش برسالة أجابه فيها عما كتب به إليه في شأن الوباء الذي ظهر بالسوس ومراكش هل يفر منه أم لا ونصها .
من عبد الله تعالى المجاهد في سبيله الإمام الخليفة المنصور بالله أمير المؤمنين ابن أمير المؤمنين الشريف الحسني أيد الله بعزيز نصره أوامره وظفر عساكره وأسعد بمنه موارده ومصادره إلى ولدنا الأجل الأفضل الأكمل الأعز الأبر الأسعد الأمجد الأرضى بابا أبي فارس وصل الله تعالى عنايتكم