@ 177 @ طرأ عليه خبر نزولنا بالدوح فلم يتمالك أن أقلع ليلة الخميس خامس عشر شهر تاريخه إقلاعا أزعجه من الدار فريدا وطارت به النفرة إلى أن حل بزاوية الشيخ أبي الشتاء وحيدا فتلاحق به من جيش رماته اليكشارية ومتفرقة سماسرة الفتن وطلائع الشؤم والمحن جمع عظيم وعدد من كثرته لا يريم فبادرت حينئذ بتجهيز جؤذر باشا من غير إغفال في خمسمائة صبائحية ومعه القائد مؤمن بن ملوك في خمسمائة فارس ثم أردفناه ببعوث أخر تألبت إليه وتناثلت عليه تناهز الألفين ورماة بابا زيدان حفظه الله فأحدقت به من كل الجهات وملكوا عليه الفجاج والثنيات ونحن مع ذلك خلال هذه الأحوال لم نهمل مقابلة نفرته بالتسكين وما يخشن من أحواله بالتليين بإرسال المرابطين تجاهه بمواثيق تهنيه وعهود تؤنسه وتقرب أمانيه رجاء أن يثوب إليه ثائب استبصار أو يخطر له خاطر إقلاع عما هو عليه وإقصار وقرناء السوء المتلاحقون به من جيشه يقدحون للشر نارا ويزينون له عقوقا ونفارا فدهمتهم حينئذ عساكرنا المظفرة بالله في مصافهم دونه ودارت بين الفريقين حرب عظيمة فخمدت النار من وقت الظهر إلى العصر فأظهر الله تعالى فئة الحق على فئة الباطل وقضى بما جرى به القضاء المحتوم الحكم العادل وكتبناه إليكم وقد حصل في القبضة كما سبق به القضاء والقدر وجعل بمكان الاحتياط عليه من مكناسة فكانت مشيئة الله في ذلك من إحدى العجائب العبر وعرفناكم أسعدكم الله لتستشعروا صنع الله في هذه الداهية التي فجئت بها الأيام ودهمت والغاشية التي اعتكرت وادلهمت وتقدروا ما صنع الله في ذلك من حسن العاقبة حق قدره وتشكروه فهو الجدير بجميل حمد كل لسان وشكره ونسأله تعالى أن يجعلكم في حيز الكفاية وجانب الوقاية حتى لا تساؤوا بقريب مأمون ولا ببعيد مظنون وفي ليلة الثلاثاء الموفي عشرين من جمادى الأولى عام أحد عشر وألف اه .
ثم إن أم الشيخ واسمها الخيزران بعثت إلى أعيان مراكش الذين قدموا مع المنصور ترغب إليهم في أن يشفعوا لولدها عند أبيه ويعتذروا عنه بما يزيل ما في باطنه عليه فتقدموا إلى المنصور وقالوا له إن الشيخ قد