@ 176 @ المرآة فنزل بالزاوية ومعه بطانته وأصحاب دخلته من الأحداث وقرناء السوء فبلغ خبره المنصور فبعث إليه الباشا جؤذرا مع القائد منصور النبيلي وحلف لهما بأغلظ الأيمان إن لم يأتياه به ليمكرن بهما ويجعلهما عبرة فذهبا إليه فامتنع من الدخول في يدهما وانعزل في أصحابه حتى ناوشوه القتال وتراموا بالنبال ثم قبضوا عليه وأتوا به إلى المنصور في خبر طويل فأمر به إلى مكناسة فسجن بها .
ودخل المنصور دار الملك من حضرة فاس الجديد وشكر الله على ما أولاه من الظفر والنصر من غير إراقة دم وتصدق في ذلك بأموال عظيمة وكتب بذلك إلى ولده أبي فارس خليفته على مراكش يعلمه بما كيف الله له من الظفر والنصر ونص الكتاب .
إلى ولدنا الأجل الأرضى الأكمل الأسعد الأصعد الأمجد الأسمى الأسنى بابا أبي فارس وصل الله كمالكم وسنى بمنه آمالكم وسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد فكتابنا هذا إليكم أسعدكم الله من محلتنا السعيدة بالمستقى ولا شيء إلا ما جرت به الأقدار وحكم به الفاعل المختار وما جاء به من عجائب الدهر الليل والنهار وهي قضية أخيكم التي ثارت إلي بها صروف الدهر من مكمني وطلعت علي من مأمني إلا أن الله تعالى بصنعه الجميل كفانا أولا ثم شفانا آخرا لله الحمد دائما والشكر واظبا وشرح ذلك أسعدكم الله ووقاكم السوء إن الحال كان انتهى في معالجة أمره الذي تجاوزنا في وجوه الخير إليه حد الاستقصا وأتينا في محاولة استصلاحه من أحوال السياسة المرجوة النجح بما لا يحصى إلى ما كنا سوغناه من ولاية سجلماسة بخراجها وخراج درعة وأبحنا له التوجه إليها بجملته وجمعه رجاء أن تسكن بالانتباذ إليهما نفرته وتطمئن نفسه ويثوب إليه قلبه الطائر ويراجعه أنسه الحائر فأظهر أولا التوجه إليهما ونهض مرتحلا عن فاس موريا بالقدوم عليهما ثم بدا له على الحين فكر راجعا إلى فاس ورجونا أن يكون قد ذهب عنه النفار والشماس وثاب لنفسه السكون والاستئناس فإذا به قد انطوى برجوعه على خلاف ما أظهر فأبدى ما أضمر فما كان إلا أن