@ 175 @ الحكم في أمثاله ممن أعطيناه عملا وقلدناه قيادة ومن جملة من نحذرك من استخدامهم في الرماية أهل الجبال من أهل الصحفة والدينار فلا تستخدموا منهم أحدا وإلا فاعلموا أنكم ما أردتم حينئذ أن يغرموا لكم ولا يعطوكم شيئا وإن أردتم الخدمة فهاهم أهل هذه البلاد مثل أهل السوس وأهل درعة وأهل مراكش فكل ما تستخدمون من هؤلاء فلا عليكم وإذا لم يكن من هؤلاء وكان ولابد من غيرهم فمن أهل فاس سكان الحاضرة وأما من عداهم فلا على أن الرماة أهل السوس ها هي عندنا كثيرة فكل ما تريد منهم عرفنا نبعثهم إليك ونضيفهم إلى خدمتك ونؤكد عليك أن تكتب بجواب هذه الأمور كلها فصلا فصلا مع المملوك الحامل لهذا الكتاب إن شاء الله ولابد ولابد وهذا موجبه إليكم والله يحرس بمنه علاكم والسلام وفي مهل جمادى الأولى من عام أحد عشر وألف اه .
ثم لم يلبث المنصور أن بعث إلى ولده زيدان وكان خليفته على تادلا يأمره أن يرسل مائة من الفرسان على طريق تاقبلات وكل من وجوده قاصدا للغرب من ناحية مراكش يردونه وأرسل مولاه مسعود الدوري على طريق سلا يفعل مثل ذلك وخرج المنصور من مراكش في اثني عشر ألفا أوائل جمادى الأولى سنة إحدى عشرة وألف وجد السير فلم يمض إلا أيام قلائل حتى نزل بالدوح موضع قريب من فاس والشيخ في جميع ذلك لا شعور له بخروج أبيه ولا بما هو عليه فبعث يوما عيونه يرصدون له من قدم من مراكش ويكشفون عن الخبر فما راعهم إلا الأباطح تسيل بأعناق الجياد وأفواه الشعاب تقذف بالجيوش من بطون الأودية والوهاد لأنهم كانوا قد عميت عليهم الأنباء بقطع المنصور للسابلة فرجعوا إلى الشيخ مسرعين والرعب يفت في أعضادهم ويطفئ جذوة عزائمهم فقصوا عليه ما دهمهم وأخبروه بما رأوا فعلم أنه محاط به فلم يمكنه إلا الفرار فركب من حينه وفر إلى زاوية الشيخ الصالح أبي الشتاء من بلاد فشتالة قرب نهر ورغة وكان الشيخ أبو الشتاء قد توفي قبل ذلك سنة سبع وتسعين وتسعمائة كما في