@ 170 @ على أحسن شارة وأكمل زي وعزم أنه إن بلغه خروج أبيه من مراكش أن يتوجه في أصحابه إلى تلمسان ويستجير بالترك فلما بلغ المنصور ما عزم عليه الشيخ من الذهاب إلى تلمسان تخلف عن الخروج من مراكش وكتب إلى الشيخ يلاطفه ويأمره أن لا يفعل وولاه سجلماسة ودرعة وتخلى له عن خراجهما وقال له قد سوغتكه ولا أطالبك فيه ومراده بذلك أن تسكن نفرته ويرجع إليه عقله فأظهر الشيخ امتثال الأمر وخرج يؤم سجلماسة فما انفصل عن فاس بشيء يسير حتى ندم ورجع إليها وعاد لما كان عاكفا عليه فبعث إليه المنصور أعيان مراكش وعلمائها فنصحوه ووعظوه وخوفوه سخط والده وحذروه عاقبة العقوق ولم يألوا جهدا في نصحه فوجوده مشغول القلب عن نصيحتهم مغمور الذهن بخلاف قولهم إلا أنه أظهر الرجوع عما كان عازما عليه من الفرار عن أبيه وأقصر في الظاهر عن بعض تلك المساوي فرجع الوفد إلى المنصور وقالوا له إنه قد تاب وحسنت حاله واطمأنت نفسه وأنه واقف عند الأمر والنهي فلم يطمئن المنصور لقولهم وقال لهم لعل هذا إطفاء لنار الشحناء وكذب لإصلاح الباطن وصممم على المكر بالشيخ فكتب إليه كتابا طويلا يلومه فيه على بعض الأشياء وفي ضمن ذلك تسكين خاطره حتى يبغته على حين غفلة ونص الكتاب .
من عبد الله تعالى المجاهد في سبيله الإمام المنصور بالله أمير المؤمنين ابن أمير المؤمنين أبي عبد الله محمد الشيخ الشريف الحسني أيد الله أوامره وظفر عساكره إلى ولدنا وولي عهدنا الأمير الأجل الأفضل الأكمل الأعز بابا الشيخ وصل الله كمالكم وسنى من خير الدارين آمالكم وسلام عليكم ورحمه الله أما بعد فكتابنا هذا إليكم من حضرة مراكش حاطها الله ولا جديد إلا ما عوده مولانا من الخير لله الحمد وله المنة هذا والذي أوجبه أسعدكم الله وكلاكم أنه بلغنا أنكم قد استخدمتم هناكم جماعة من أولاد طلحة كأولاد أخي علي بن محمد وأخي علي بن ملوك وغير هؤلاء وأنك قد فرضت لهم في أعطياتهم نحو خمسة آلاف وإلى هذا أي مصلحة ظهرت لك في استخدام هؤلاء القوم حتى تتحمل كلفة فرض هذه الفروض بل ما