@ 169 @ $ انتقاض ولي العهد محمد الشيخ المأمون على أبيه المنصور وما آل إليه أمره في ذلك $ .
كان المأمون كما تقدم ولي عهد أبيه المنصور وكان خليفته على فاس وأعمالها سائر مدة أبيه وكان للمنصور اعتناء تام به واهتمام بشأنه حتى قيل إن المنصور كان لا يختم على صندوق من صناديق المال إلا قال جعل الله فتحه على يد الشيخ رجاء أن يقوم بالأمر بعده فلم يساعد القدر وخرج الأمر كما قال القائل .
( ما كل ما يتمنى المرء يدركه % تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ) .
فأساء المأمون السيرة وأضر بالرعية .
قال اليفرني وكان فسيقا خبيث الطوية مولعا بالعبث بالصبيان مدمنا للخمر سفاكا للدماء غير مكترث بأمور الدين من الصلاة وشرائطها ولما ظهر فساده وبان للناس عواره نهاه وزير أبيه القائد أبو إسحاق إبراهيم السفياني عن سوء فعله فلم ينته واستمر على قبح سيرته فأعاد عليه اللوم فلح في مذهبه ولما أكثر عليه من التقريع سقاه السم فكان فيه حتف القائد المذكور ومما أنكر عليه أنه قبض على كاتب أبيه أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عيسى وهو مؤلف كتاب الممدود والمقصود من سناء السلطان المنصور ووظف عليه أموالا وابتزه ذخائره حتى كان مما أخذ منه ثمانون حسكة مذهبة ومائة تخت من الملف المختلف الألوان فلما كثرت قبائحه وترددت الشكايات لأبيه كتب إليه لينكف عن غيه وينزجر عن خبثه فما زاده التحذير إلا إغراء فلما رأى المنصور أنه لم يكترث بأمره ولم ينزجر عن قبائحه عزم على التوجه إلى فاس بقصد أن يمكر به ويؤدبه بما يكون رادعا له فسمع الشيخ بذلك فجمع عساكره وهيأ جنده ودفع المرتب لأصحابه وكان عدد جيشه فيما قيل اثنين وعشرين ألفا كلهم بكساوى الملف والحرير