فيها علاج العلماء ولم يصل إليها لطيف حكمة الحكماء لتعلقهم بفقد من الوجد ولو حلت من وجود الحق هذا المحل لأجرت الأحكام مجاريها وسلمت من سكرة المعرفة ودواهيها وأما الفرقة التي علت بها الإشارة إلى علم التوحيد الذين صحبوا الأحوال في أوقاتها بالوفاء والأعمال بالإخلاص والصفاء فلم يرتقوا إلى مقام قبل إحكام المقام قبله ولم يتعلقوا بعلم لم يحلوا منه مقام أهله وينزلوه نزول المتحققين له حتى يعلو إلى غاية الأحوال الزاكية وتفقهوا بعلمها إلى أن أداهم ذلك إلى علم المعرفة فأذعنوا لله إذعان المحققين وهم في ذلك كله خالون منها بعلاقة الحق التي عنها نشأت العلوم الزاكية غلبت عليهم الحقيقة في كل ما أثبته عليهم من الأفعال فلم يحلوا منها من مقام رفيع ونفس مختلسة وطبع منتزع إلا بعلاقة الحقيقة الأزلية والعين الألوهية والعلوم الربانية بما منحت في ذلك من القوة وأعطيت فيه من الصفوة وتجديد الوحدانية وفناء البشرية فكانت العلوم فيه والاختيارات بتلك العلاقة المبدية لتلك الحقيقة التي أبدعت الحق فأحقت الحق وأبطلت الباطل وبذلك أخبر الله أولياءه إذ يقول ليحق الحق ويبطل الباطل وقال تعالى بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق فلم يتجرد الحق على حقيقة لولي من أوليائه ولا صفى من أصفيائه إلا ظهر به على كل باطل فقهره ودفعه وان كان الحق أبدعه واخترعه فلم يكن الحق في مكان فيبقى فيه أثر لباطل أو سلطان لأن من أفنى الحق حركاته البشرية ونفسه الطبيعية وأهواءه النفسانية وأوهامه الآرائية استولى عليه من الحقيقة التي عنها وبها كان التصرف والاختيار والإقدام والإحجام والسكون والحركات فله علامة موجبة بصحة مقامه وعلو شأنه لا يختلف عليه منه الأفعال ولا تضطرب عليه الأقوال ولا تتفاوت منه الأفعال كاختلافها على من بقيت عليه آثاره في أفعاله وغلب هواه بهاءه فأسر عقله جهله فهو مغرور بما تعلق من اعتقاد علوم لم يسعه بالنزول في حقائقها ولا تلحظ مثقال ذرة مما روى منها أهلها من علم التوحيد ومذاق التجريد وهو غير موحد وطمع في التجريد وهو غير مجرد قد اتخذ إلهه