ممكنا من النظر والتصفح والإقدام والإحجام سببا للبلاء ومجرى للاختبار الموجب للولاية المظهر للعداوة ثم رأيت المقامات في ذلك مختلفة والأحوال متباينة والمعارف متفاوتة فمن بين مقصر قد أحاطت به رؤية التقصير واعترف بتخلفه وأزرى على نفسه وبين سابق قد بذل في العبادة لله جهده فلم يبلغ من ذلك إربه متعلق بعبادته ناظر إلى مجاهدته وتحصيل محاسبته لنفسه وآخر مع جهده مأخوذ عن أحواله وقد وصل به آماله وصدقه في أعماله وأخلص في قصده واستفرغ جهده فبلغ من ذلك حظه فأعرضت عن ذكر هؤلاء أجمعين وفرقة أخرى من العارفين أشرفت على عجائبهم في مقاماتهم وعظيم طرقهم في سيرهم وسيرهم وقطع مفازهم في تيه مضلة العقول وتنسم عقاب الحيرة وقطع لجة الهلكة وصراط الإستقامة فرأيتهم بعين لا يستتر عنها متوار في حجابه قد خدع المغرور منهم بمكانه فمن بين صريع تحت إشارته في بحر عميق بين علم الجمع والتفريق فرأيته أسوأحالا ممن خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق وفرقة أخرى قد أنس بالفناء في مكانه واستبطن البقاء مع أهل زمانه فلا هو بعلم الفناء يقوم ولا على روح البقاء يدوم فعمه في طغيانه ولم تختلف عليه أحكامه ولم يعرف الحق من الباطل ولا فرق بين المخلوق والخالق ولا الفاعل والمفعول ولا الفعل من الإنفعال ولا تميز له الظاهر من الباطن ولا العاجز من القادر فكان كمن اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله وفرقة منهم رأت أنه مكن في مقامه ولاحت له الأحكام فلم يكن عنده لها مكان إلا ما علق منها على الخلق وإنما كانت الأحكام عنجهم معلقة على الخلق لرؤية آثارهم وحضور إراداتهم واختلاف أحوالهم والمشاهدة منهم في أنفسهم من بين عقل متين وهوى مائل فلذلك علق عليهم لأمره عندهم وقصدوا بالنهي وبعثت إليهم الرسل فتمكن منهم الجهل واستوثق منهم العجب فلم يمكن