التصوف عن القال والقيل لكن عن الجوع وترك الدنيا وقطع المألوفات والمستحسنات لأن التصوف هو صفاء المعاملة مع الله وأصله العزوف عن الدنيا كما قال حارثة عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري .
حدثنا محمد بن الحسين قال سمعت أبا بكر الرازي يقول سمعت أبا محمد الجريري يقول سمعت الجنيد يقول لرجل ذكر المعرفة فقال الرجل أهل المعرفة بالله يصلون إلى ترك الحركات من باب البر والتقرب إلى الله فقال الجنيد إن هذا قول قوم تكلموا بأسقاط الأعمال وهذه عندي عظيمة والذي يسرق ويزني أحسن حالا من الذي يقول هذا وإن العارفين بالله أخذوا الأعمال عن الله وإليه رجعوا فيها ولو بقيت ألف عام لم أنقص من أعمال البر ذرة إلا أن يحال بي دونها وإنه لأوكد في معرفتي وأقوى في حالي .
أخبرنا جعفر بن محمد في كتابه وحدثني عنه محمد بن إبراهيم قال سمعت الجنيد بن محمد يقول حاجة العارفين إلى كلاءته ورعايته قال الله D قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن ونجح قضاء كل حاجة من الدنيا تركها وفتح كل باب شريف بذل المجهود قال ورأيت الجنيد في المنام فقلت أليس كلام الأنبياء إشارات عن مشاهدات فتبسم وقال كلام الأنبياء بناء عن حضور وكلام الصديقين إشارات عن مشاهدات قال وكتب الجنيد إلى بعض إخوانه من أشار إلى الله وسكن إلى غيره ابتلاه الله وحجب ذكره عن قلبه وأجراه على لسانه فإن انتبه وانقطع عمن سكن إليه ورجع إلى من أشار إليه كشف الله ما به من المحن والبلوى فإن دام نزع الله على سكونه من قلوب الخلق الرحمة عليه وألبس لباس الطمع لتزداد مطالبته منهم مع فقدان الرحمة من قلوبهم فتصير حياته عجزا وموته كدا ومعاده أسفا ونحن نعوذ بالله من السكون إلى غيره وقال الجنيد لو أقبل صادق على الله ألف ألف سنة ثم أعرض عنه لحظة كان ما فاته أكثر مما ناله وقال رجل للجنيد علام يتأسف المحب قال على زمان بسط أورث قبضا أو زمان أنس أورث وحشة وأنشأ يقول