قد كان لي مشرب يصفو برؤيتكم ... فكدرته يد الأيام حين صفا ... .
كتب إلي جعفر بن محمد وأخبرني عنه يوسف بن محمد القواس قال سمعت الجنيد بن محمد يقول إن الله D يخلص إلى القلوب من بره حسبما خلصت القلوب به إليه من ذكره فانظر ماذا خالط قلبك .
كتب إلى جعفر بن محمد وأخبرني عنه محمد بن عبدالله قال سمعت الجنيد يقول يا ذاكر الذاكرين بما به ذكروه ويا بادئ العارفين بما به عرفوه ويا موفق العاملين لصالح ما عملوه من ذا الذي يشفع عندك إلا بإذنك ومن ذا الذي يذكرك إلا بفضلك .
حدثنا علي بن هارون بن محمد قال سمعت الجنيد بن محمد يقول وكتب إلى بعض أخوانه الحمد لله الذي استخلص لنفسه صفوة من خلقه وخصهم بالعلم والمعرفة به فاستعملهم بأحب الأعمال إليه وأقربها من الزلفى لديه وبلغهم من ذلك الغاية القصوى والذروة المتناهية العليا وبعد فإني أوصيك بترك الالتفات إلى كل حال ماضية فإن الالتفات إلى ما مضى شغل عما يأتي من الحالة الكائنة وأوصيك بترك الملاحظة للحال الكائنة وبترك المنازلة لها بجولان الهمة لملتقي المستقبل من الوقت الوارد بذكر مورده ونسق ذكر موجوده فإنك إذا كنت هكذا كنت تذكر من هو أولى ولا تضرك رؤية الأشياء وأوصيك بتجريد الهم وتفريد الذكر ومخالصة الرب بذلك كله واعمل على تخليص همك من همك لهمك واطلب الخالص من ذكر الله جل ثناؤه بقلبك وكن حيث يراك لما يراد لك ولا تكن حيث يراد لك لما تريد لنفسك واعمل على محو شاهدك من شاهدك حتى يكون الشاهد عليك شاهدا لك بما يخلص من شاهدك واعلم أنه إن كنت كلك له كان لك بكل الكل فيما تحبه منه فكن مؤثرا له بكل من انبسط له منك ومنه بدا لك ومنه به يبسط عليك ما لا يحيط به علمك ولا تبلغ إليه أمانيك وآمالك وإذا بليت بمعاشرة طائفة من الناس فعاشرهم على مقادير أماكنهم وكن مشرفا عليهم