الحق مستهينا وبعد يا أخي فتفضل باحتمالي إن غلظ عليك مقالي وتجشم الصبر على أن يوافق قلبك ما في كتابي فإن المناصحة والمفاصحة خير من الإغضاء مع المتاركة وأني أختم كتابي وأستدعي جوابي بقولي الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله وصلى الله على سيدنا محمد المصطفى وعلى آله وسلم تسليما كثيرا .
سمعت أبي يقول سمعت أحمد بن جعفر بن هانئ يقول سألت أبا القاسم الجنيد بن محمد قلت متى يكون الرجل موصوفا بالعقل قال إذا كان للأمور مميزا ولها متصفحا وعما يوجبه عليه العقل باحثا يبحث يلتمس بذلك طلب الذي هو به أولى ليعمل به ويؤثره على ما سواه فإذا كان كذلك فمن صفته ركوب الفضل في كل أحواله بعد إحكام العمل بما قد فرض عليه وليس من صفة العقلاء إغفال النظر لما هو أحق وأولى ولا من صفتهم الرضا بالنقص والتقصير فمن كانت هذه صفته بعد إحكامه لما يجب عليه من عمله ترك التشاغل بما يزول وترك العمل بما يفنى وينقضي وذلك صفة كل ما حوت عليه الدنيا وكذلك لا يرضى أن يشغل نفسه بقليل زائل ويسير حائل يصده التشاغل به والعمل له عن أمورالآخرة التي يدوم نعيمها ونفعها ويتصل بقاؤها وذلك أن الذي يدوم نفعه ويبقى على العامل له حظه وما سوى ذلك زئل متروك مفارق موروث يخاف مع تركه سوء العاقبة فيه ومحاسبة الله عليه كذلك صفة العاقل لتصفحه الأمور بعقله والأخذ منها بأوفره قال الله تعالى الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك أولوا الألباب كذلك وصفهم الله وذوو الألباب هم ذوو العقول وإنما وقع الثناء عليهم بما وصفهم الله به للأخذ بأحسن الأمور عند استماعها وأحسن الأمور هو أفضلها وأبقاها على أهلها نفعا في العاجل والآجل وإلى ذلك ندب الله D من عقل في كتابه .
حدثنا محمد بن الحسين بن موسى قال سمعت محمد بن عبدالله الرازي يقول سمعت أبا محمد الجريري يقول سمعت الجنيد بن محمد يقول ما أخذنا